الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (39)

قوله تعالى : { مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ } : متعلق ب " تاب " و " ظلم " مصدرٌ مصافٌ إلى فاعله أي : من بعد أَنْ ظَلَمَ غيرَه بأخذِ ماله ، وهذا واضحٌ ، وأجاز بعضُهم أن يكونَ مضافاً للمفعول أي : من بعد أن ظلم نفسَه ، وفي جوازِ هذا نظرٌ ، إذ يصير التقديرُ : مِنْ بعد أن ظلمه ، ولو صَرَّح بهذا الأصلِ لم يجز لأنه يؤدي إلى تعدِّي فعلِ المضمر إلى ضميره المتصل ، وذلك لا يجوز إلا في باب ظن وفَقَدَ وعَدِم ، كذك قاله الشيخ ، وفي نظره نظر ، لأنَّا إذا حَلَلْنا المصدرَ لحرف مصدري وفعل فإنما يَأتي بعد الفعل بما يَصِحُّ تقديرُه ، وهو لفظُ النفسِ ، أي من بعدِ أن ظلَم نفسَه .