ثم قال تعالى : { ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين }
المسألة الأولى : قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر { يقول } بغير واو ، وكذلك هي في مصاحف أهل الحجاز والشام ، والباقون بالواو ، وكذلك هي في مصاحف أهل العراق . قال الواحدي رحمه الله : وحذف الواو هاهنا كإثباتها ، وذلك لأن في الجملة المعطوفة ذكرا من المعطوف عليها ، فإن الموصوف بقوله { يسارعون فيهم } هم الذين قال فيهم المؤمنون { أهؤلاء الذين أقسموا بالله } فلما حصل في كل واحدة من الجملتين ذكر من الأخرى حسن العطف بالواو وبغير الواو ، ونظيره قوله تعالى : { سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم } لما كان في كل واحدة من الجملتين ذكر ما تقدم أغنى ذلك عن ذكر الواو ، ثم قال : { ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم } فأدخل الواو ، فدل ذلك على أن حذف الواو وذكرها جائز . وقال صاحب الكشاف : حذف الواو على تقدير أنه جواب قائل يقول : فماذا يقول المؤمنون حينئذ ؟ فقيل : يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا . واختلفوا في قراءة هذه الآية من وجه آخر ، فقرأ أبو عمرو { ويقول الذين ءامنوا } نصبا على معنى : وعسى أن يقول الذين آمنوا ، وأما من رفع فإنه جعل الواو لعطف جملة على جملة ، ويدل على قراءة الرفع قراءة من حذف الواو .
المسألة الثانية : الفائدة في أن المؤمنين يقولون هذا القول هو أنهم يتعجبون من حال المنافقين عندما أظهروا الميل إلى موالاة اليهود والنصارى ، وقالوا : إنهم يقسمون بالله جهد أيمانهم أنهم معنا ومن أنصارنا ، فالآن كيف صاروا موالين لأعدائنا محبين للاختلاط بهم والاعتضاد بهم ؟
المسألة الثالثة : قوله { حبطت أعمالهم } يحتمل أن يكون من كلام المؤمنين ، ويحتمل أن يكون من كلام الله تعالى ، والمعنى ذهب ما أظهروه من الإيمان ، وبطل كل خير عملوه لأجل أنهم الآن أظهروا موالاة اليهود والنصارى ، فأصبحوا خاسرين في الدنيا والآخرة ، فإنه لما بطلت أعمالهم بقيت عليهم المشقة في الإتيان بتلك الأعمال ، ولم يحصل لهم شيء من ثمراتها ومنافعها ، بل استحقوا اللعن في الدنيا والعقاب في الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.