نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُواْ خَٰسِرِينَ} (53)

{ ويقول الذين آمنوا } من{[26434]} رفعه عطفه على{[26435]} معنى { نادمين{[26436]} } فإن أصله : يندمون ، ولكنه عبر بالاسم إعلاماً بدوام ندمهم بشارة بدوام الظهور لهذا الدين{[26437]} على كل دين ، أو على { يقولون نخشى } ، ومن أسقط الواو جعله حالاً ، ومن نصبه جاز أن يعطفه على " يصبحوا " أي يكون ذلك سبباً لتحقق المؤمنين أمر المنافقين بالمسارعة في أهل الكتاب عند قيامهم سروراً بهم والندم عند خذلانهم ومحقهم ، فيقول بعض المؤمنين لبعض تعجباً من حالهم واغتباطاً بما من الله عليهم به من التوفيق في الإخلاص مشيرين إلى المنافقين تنبيهاً وإنكاراً : { أهؤلاء } أي الحقيرون { الذين أقسموا بالله } أي وهو الملك الأعظم { جهد أيمانهم } أي مبالغين في ذلك اجتراء على عظمته { إنهم لمعكم } أيها المؤمنون ! ويجوز أن يكون هذا القول من المؤمنين لليهود في حق المنافقين{[26438]} حيث قاسموهم{[26439]} على النصرة ؛ ثم ابتدأ جواباً من بقية كلام المؤمنين أو من كلام الله لمن كأنه قال : فماذا يكون حالهم ؟ فقال : { حبطت } أي{[26440]} فسدت فسقطت { أعمالهم فأصبحوا } أي فتسبب عن ذلك أنهم صاروا { خاسرين } أي دائمي الخسارة بتعبهم في الدنيا بالأعمال وخيبة الآمال ، وجنايتهم في الآخرة الوبال ، وعبر بالإصباح لأنه لا أقبح من مصابحة السوء لما في ذلك من البغتة{[26441]} بخلاف ما ينتظر ويؤمل .


[26434]:من ظ، وفي الأصل: عطف عليه.
[26435]:من ظ، وفي الأصل: عطف عليه.
[26436]:في ظ: النادمين.
[26437]:من ظ، وفي الأصل: الداعي.
[26438]:في ظ: بحيث سموهم- كذا.
[26439]:في ظ: بحيث سموهم- كذا.
[26440]:سقط من ظ.
[26441]:في ظ: البعث.