الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُواْ خَٰسِرِينَ} (53)

قوله : ( يَقُولُ الذِينَ ءَامَنُوا أَهَؤُلاَءِ الذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ ) الآية [ 55 ] .

من نصب ( يقولَ )( {[16883]} ) عطفه على ( أن يأتي )( {[16884]} ) ، وهو بعيد جداً ، لأنك ( لو قلت )( {[16885]} ) : " عسى زيد أن يقوم ويأتي عمروا " لم يجز( {[16886]} ) ، كما لا يجوز : " عسى زيد أن يقوم عمرو " .

ولو قلت : " عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو( {[16887]} ) " حَسُنَ ، كما يَحسُن : " عسى أن يقوم عمرو( {[16888]} ) " .

فلو كان نص الآية( {[16889]} ) : " فعسى أن يأتي الله بالفتح " ، حَسُن العطف ، وإنما تجوز الآية على أن تحمل على المعنى ، لأن قولك : " عسى أن يأتي بالفتح " و " عسى الله أن يأتي بالفتح " ، سواء فيجعل النصب على المعنى ، ويكون مثل قول الشاعر :

مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً( {[16890]} )

ومعنى الآية أنها متعلقة بما قبلها ، والمعنى : ( فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) إذا رأوا النصر ، ( يَقُولُ الذِينَ ءَامَنُوا ) بعضهم لبعض ، تعجّباً( {[16891]} ) منهم ومن نفاقهم : ( أَهَؤُلاَءِ الذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمُ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ) مؤمنين( {[16892]} ) والمعنى –على [ قراءة ]( {[16893]} ) من أتى بالواو( {[16894]} )- مثل ذلك وهو أبين( {[16895]} ) .

ومن قرأ بالنصب( {[16896]} ) فمعناه : وعسى أن يقول الذين آمنوا كذا وكذا( {[16897]} ) .

وقال مجاهد : المعنى : ( فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) [ حينئذ ]( {[16898]} ) .

( يَقُولُ الذِينَ ءَامَنُوا أَهَؤُلاَءِ الذِينَ أَقْسَمُوا ) إنهم مؤمنون( {[16899]} ) .

قال الكلبي : فجاء( {[16900]} ) الله بالفتح ، فأمر( {[16901]} ) الله نبيه بقتل بني قريظة( {[16902]} ) وسبي( {[16903]} ) ذراريهم وإجلاء [ بني ]( {[16904]} ) النضير( {[16905]} ) ، فندم المنافقون حين أُجلِيَ أَهْلُ وُدِّهِمْ ، وظهر ( نفاقهم )( {[16906]} ) ، فعند ذلك قال المؤمنون –بعضهم لبعض- ( أَهَؤُلاَءِ الذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمُ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ )( {[16907]} ) .


[16883]:- هي قراءة أبي عمرو في رواية عنه في السبعة 245، وابن أبي إسحاق أيضاً في إعراب النحاس 1/503.
[16884]:- الآية السابقة. وانظر: معاني الفراء 1/313، وتفسير الطبري 10/408، وحجة ابن خالويه 132، وحجة ابن زنجلة 229.
[16885]:- ج: تقول.
[16886]:- ب: يحر.
[16887]:- ج د: عمر.
[16888]:- ج د: عمر.
[16889]:- ب ج د: الآيات.
[16890]:- الذي رد قراءة النصب بهذه الاستدلالات هو أبو عمرو في معاني الأخفش 471 و472، وانظر: تفسير الطبري 10/408، إعراب النحاس 1/503 وإعراب مكي 228 و229، والكشف 1/412، وانظر: البيت بكامله في أوائل تفسير الآية 7 من المائدة.
[16891]:- ج: نعجب.
[16892]:- انظر: تفسير الطبري 10/408 و409.
[16893]:- أ: قرأة.
[16894]:- هي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وأبي عمرو في السبعة 245.
[16895]:- قال الطبري في تفسيره: "وقرأتنا التي نحن عليها (وَيَقُولُ) بإثبات الواو في (ويقولُ): لأنها كذلك في مصاحفنا –مصاحف أهل المشرق- بالواو، ويرفع (يقولُ) على الابتداء 10/408 و409، وانظر: حجة ابن زنجلة 229 و230.
[16896]:- انظر: بداية تفسير الآية. هذا وقال ابن مجاهد: وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر (يقولُ الذين آمنوا) بغير واو في أوله ويرفع اللام، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة ومكة والشام". السبعة 245.
[16897]:- انظر: تفسير الطبري 10/408.
[16898]:- أ: حين.
[16899]:- د: مؤمنين. وانظر: تفسير مجاهد 310، وتفسير الطبري 10/407، وهو حجة أهل الحجاز والشام لقراءة (يقول) بغير واو في حجة ابن زنجلة 229.
[16900]:- ب: بجا.
[16901]:- ب: بامر.
[16902]:- ب: قريضة. د: قريظ.
[16903]:- ب: سي.
[16904]:- ساقطة من أ.
[16905]:- ب: النصير. ج: النظير.
[16906]:- ساقطة من ج د.
[16907]:- انظر: تفسير الطبري 10/410.