التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُواْ خَٰسِرِينَ} (53)

قوله : { ويقول الذين ءامنوا أهؤلاء الذين أقسوا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم } هذا الكلام مستأنف ، سيق لبيان سوء حال المنافقين .

وقوله : { ويقول } قرئ بالنصب على أنه معطوف على قوله : { أن يأتي } وقرئ بالرفع على أنه كلام مبتدأ . أي ويقول المؤمنون في ذلك الوقت : { أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم } يقولون ذلك مخاطبين اليهود على سبيل التوبيخ مشيرين إلى المنافقين الذين كانوا يوالونهم ويرجون عزهم ويظهرون لهم المناصرة والمودة في كل الأحوال حتى إذا أظهر الله الإسلام وهزم الكفر والكافرين خاب رجاء هؤلاء المنافقين وانتكسوا انتكاس الذليل المفضوح . وكان المؤمنون يقولون ذلك وهم يغمرهم العجب مما يحصل من النفاق وأهله فضلا عما يخالط قلوبهم من الحبور والابتهاج لما امتن الله به عليهم من الإخلاص والثبات على دين الله .

ويحتمل أن يقول المؤمنون ذلك بعضهم لبعض . أي يقولون متعجبين : أهؤلاء الذين كانوا يحلفون لنا أنهم مؤمنون وأنهم معنا ، لقد هتك الله سترهم وكشف كذبهم وخيانتهم .

وقوله : { جهد أيمانهم } منصوب على أنه مصدر لأقسموا . والمعنى أقسموا إقساما مجتهدا فيه . والمعنى أن هؤلاء المنافقين اجتهدوا في حلف الأيمان المغلظة على أنهم مع اليهود أو المؤمنين ، على الخلاف في ذلك .

قوله : { حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين } ذلك من جملة قول المؤمنين عن المنافقين وهو بطلان أعمالهم التي كانوا يتكلفون صنعها ملقا وزلفى . وفيه معنى التعجيب . أي ما أحبط أعمالهم فما أخسرهم .

وقيل : ذلك من قول الله عز وعلا في حق المنافقين على أنه شهادة لهم بحبوط أعمالهم . وسوء مصائرهم وأحوالهم{[1005]} .


[1005]:- الكشاف ج 1 ص 620 وروح المعاني ج 6 ص 159.