فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُواْ خَٰسِرِينَ} (53)

{ جهد أيمانهم } حَلِفهم وقَسَمهم الغليظ .

{ حبطت أعمالهم } بطل ثواب عملهم وذهب أجره .

{ ويقول الذين آمنوا } كلام مستأنف مسوق لبيان كمال سوء حال الطائفة المذكورة ، . . . . والمعنى : ويقول الذين آمنوا مخاطبين لليهود مشيرين إلى المنافقين الذين كانوا يوالونهم ، ويرجون دولتهم ، ويظهرون لهم غاية المحبة ، وعدم المفارقة عنهم في السراء والضراء عند مشاهدتهم تخيبة رجائهم ، وانعكاس تقديرهم ، لوقوع ضد ما كانوا يترقبونه ويتعالون به ، تعجيبا للمخاطبين من حالهم وتعريضا بهم { أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم } أي بالنصرة والمعونة- كما قالوه- فيما حكي عنهم : ( . . وإن قوتلتم لننصرنكم . . ) ( {[1778]} ) . . والمعنى : إنكار ما فعلوه واستبعاده وتخطئتهم في ذلك ؛ . . واختار غير واحد أن المعنى : يقول المؤمنون الصادقون بعضهم لبعض : { أهؤلاء الذين أقسموا بالله } تعالى لليهود . . . ، و{ جهد أيمانهم } منصوب على أنه مصدر- لأقسموا- من معناه ، والمعنى : أقسموا إقساما مجتهدا فيه . . ) ( {[1779]} ) ؛ { حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين } قد تكون هذه الجملة دعائية ، دعاء عليهم بالهلاك والوبال وذهاب ثواب الأعمال ، وقد تكون مسوقة من لدن المولى تعالى لبيان مآل ما صنعوه ، وقد تكون من جملة ما يحكيه الكتاب المبين من قول المؤمنين .


[1778]:من سورة الحشر. من الآية 11.
[1779]:ما بين العلامتين ( ) من روح المعاني.