فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُواْ خَٰسِرِينَ} (53)

قوله : { وَيَقُولُ الذين آمَنُواْ } قرأ أبو عمرو ، وابن أبي إسحاق ، وأهل الكوفة بإثبات الواو ، وقرأ الباقون بحذفها ، فعلى القراءة الأولى مع رفع يقول يكون كلاماً مبتدأ ، مسوقاً لبيان ما وقع من هذه الطائفة ، وعلى قراءة النصب : يكون عطفاً على { فَيُصْبِحُواْ } وقيل : على { يَأْتِي } والأولى أولى ؛ لأن هذا القول إنما يصدر عن المؤمنين عند ظهور ندامة الكافرين لا عند إتيان الفتح ؛ وقيل هو معطوف على الفتح كقول الشاعر :

للبس عباءة وتقرّ عيني *** . . .

وأما على قراءة حذف الواو فالجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر ، والإشارة بقوله : { أهؤلاء } إلى المنافقين : أي يقول الذين آمنوا مخاطبين لليهود مشيرين إلى المنافقين : { أهؤلاء الذين أَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ } بالمناصرة والمعاضدة في القتال ، أو يقول بعض المؤمنين لبعض مشيرين إلى المنافقين ، وهذه الجملة مفسرة للقول . وجهد الأيمان : أغلظها ، وهو منصوب على المصدر أو على الحال . أي : أقسموا بالله جاهدين . قوله : { حَبِطَتْ أعمالهم } أي : بطلت وهو من تمام قول المؤمنين ، أو جملة مستأنفة ، والقائل الله سبحانه . والأعمال هي التي عملوها في الموالاة أو كل عمل يعملونه .

/خ56