فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمًا عَمِينَ} (64)

{ فكذبوه } أي فبعد ذلك كذبوه ولم يعملوا بما جاء به من الإنذار ، واستمروا على تكذيبه في دعوى النبوة وما نزل عليه من الوحي الذي بلغه إليهم { فأنجيناه } من الطوفان والغرق { والذين معه } من المؤمنين به المستقرين معه ، قيل كانوا أربعين رجلا وأربعين امرأة ، وقيل كانوا تسعة . أبناؤه الثلاثة وستة من غيرهم { في الفلك } أي السفينة ، روي أنه اتخذها في سنتين وركبها في عاشر رجب ونزل منها في عاشر محرم ، والفلك واحد وجمع تذكر وتؤنث .

{ وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا } أي استمروا على ذلك ولم يرجعوا إلى التوبة { إنهم كانوا قوما عمين } عن الحق وفهمه قاله مجاهد أي لكونهم عمي القلب لا ينجع فيهم الموعظة ولا يفيدهم التذكير ، قال ابن عباس عمين كفارا .

قال الزجاج : عموا عن الحق والإيمان يقال رجل عم في البصيرة ، وأعمى في البصر ، قاله الليث : وقيل هما بمعنى ، وقال مقاتل : عموا عن نزول العذاب بهم وهو الغرق ، وعمين جمع عم صفة مشبهة لكن تصرف فيه بحذف لامه كقاص إذا جمع فأصله عميين .

قال بعضهم : عم فيه دلالة على ثبوت الصفة واستقرارها كفرح وضيق ، ولو أريد الحدوث لقيل عام كما يقال فارح وضائق ، وقد قرئ عامين حكاها الزمخشري