الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمًا عَمِينَ} (64)

وقوله تعالى : { فِي الْفُلْكِ } : يجوز أن يتعلَّق بأَنْجيناه أي : أنجيناه في الفلك . ويجوز أن تكونَ " في " حينئذ سببيةً أي : بسبب الفُلْك كقوله " إنَّ امرأةً دخلت النار في هرة " ويجوز أن يتعلق " في الفلك " بما تعلَّق به الظرفُ الواقعُ صلةً أي : الذين استقروا في الفلك معه . و " عَمِين " جمع عَمٍ ، وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المادة . وقيل هنا : عمٍ إذا كان أعمى البصيرة غيرَ عارفٍ بأموره ، وأعمى أي في البصَر . قال زهير :

وأَعْلَمُ عِلْمَ اليومِ والأمسِ قبله *** ولكنني عن عِلْمِ ما في غدٍ عَمِ

وهذا قول الليث . وقيل : عمٍ وأعمى بمعنىً ، كخَضِر وأخضر . وقال بعضهم : " عَمٍ " فيه دلالةٌ على ثبوت الصفة واستقرارِها كفَرِح وضَيّق ، ولو أُريد الحدوثُ لقيل : عامٍ كما يُقال : فارح وضائق . وقد قُرِئ " قوماً عامين " حكاها الزمخشري .