قوله تعالى : { إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى } فيه مسائل :
المسألة الأولى : { ابتغاء وجه ربه } مستثنى من غير جنسه وهو النعمة ( أي ما لأحد عنده ) نعمة { إلا ابتغاء وجه ربه } كقولك ما في الدار أحدا إلا حمارا ، وذكر الفراء فيه وجها آخر وهو أن يضمر الإنفاق على تقدير : ما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ، كقوله : { وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله } .
المسألة الثانية : اعلم أنه تعالى بين أن هذا : ( الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ) لا يؤتيه مكافأة على هدية أو نعمة سالفة ، لأن ذلك يجري مجرى أداء الدين ، فلا يكون له دخل في استحقاق مزيد الثواب بل إنما يستحق الثواب إذا فعله ، لأجل أن الله أمره به وحثه عليه .
المسألة الثالثة : المجسمة تمسكوا بلفظة الوجه والملحدة تمسكوا بلفظة { ربه الأعلى } وإن ذلك يقضي وجود رب آخر ، وقد تقدم الكلام على كل ذلك .
المسألة الرابعة : ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب «الإمامة » ، فقال : الآية الواردة في حق علي عليه السلام : { إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا } والآية الواردة في حق أبي بكر : { إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى } فدلت الآيتان على أن كل واحد منهما إنما فعل ما فعل لوجه الله إلا أن آية علي تدل على أنه فعل ما فعل لوجه الله ، وللخوف من يوم القيامة على ما قال : { إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا } وأما آية أبي بكر فإنها دلت على أنه فعل ما فعل لمحض وجه الله من غير أن يشوبه طمع فيما يرجع إلى رغبة في ثواب أو رهبة من عقاب ، فكان مقام أبي بكر أعلى وأجل .
المسألة الخامسة : من الناس من قال : ابتغاء الله بمعنى ابتغاء ذاته وهي محال ، فلابد وأن يكون المراد ابتغاء ثوابه وكرامته ، ومن الناس من قال : لا حاجة إلى هذا الإضمار ، وحقيقة هذه المسألة راجعة إلى أنه هل يمكن أن يحب العبد ذات الله ، أو المراد من هذه المحبة محبة ثوابه وكرامته ، وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في تفسير قوله : { والذين آمنوا أشد حبا لله } .
المسألة السادسة : قرأ يحيى بن وثاب : { إلا ابتغاء وجه ربه } بالرفع على لغة من يقول : ما في الدار أحد إلا حمارا وأنشد في اللغتين ، قوله :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.