روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحٗا فَمُلَٰقِيهِ} (6)

{ يأَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ } أي جاهد ومجد جداً في عملك من خير وشر { إلى رَبّكَ كَدْحاً } أي طول حياتك إلى لقاء ربك أي إلى الموت وما بعده من الأحوال الممثلة باللقاء والكدح جهد النفس في العمل حتى يؤثر فيها من كدح جلده إذا خدشه قال ابن مقيل :

وما الدهر إلا تارتان فمنهما *** أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح

وقال آخر

: ومضت بشاشة كل عيش صالح *** وبقيت أكدح للحياة وأنصب { فملاقيه } أي فملاق له عقيب ذلك لا محالة من غير صارف يوليك عنه والضمير له عز وجل أي فملاقي جزائه تعالى وقيل هو للكدح أي فملاقي جزاء الكدح وبولغ فيه على نحو إنما هي أعمالكم ترد إليكم والظاهر أن ملاقيه معطوف على كادح على القولين وقال ابن عطية بعد ذكره الثاني فالفاء على هذا عاطفة جملة الكلام على الجملة التي قبلها والتقدير فأنت ملاقيه ولا يظهر وجه التخصيص والمراد بالإنسان الجنس كما بؤذن به التقسيم بعد وقال مقاتل المراد به الأسود بن هلال المخزومي جادل أخاه أبا سلمة في أمر البعث فقال أبو سلمة أي والذي خلقك لتركبن الطبقة ولتوافين العقبة فقال الأسود فأين الأرض والسماء وما حال الناس وكأنه أراد أنها نزلت فيه وهي تعم الجنس وقيل المراد أبي بن خلف كان يكدح في طلب الدنيا وإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم والإصرار على الكفر ولعل القائل أراد ذلك أيضاً وأبعد غاية الإبعاد من ذهب إلى أنه الرسول عليه الصلاة والسلام على أن المعنى إنك تكدح في إبلاغ رسالات الله عز وجل وإرشاد عباده سبحانه واحتمال الضرر من الكفار فأبشر فإنك تلقى الله تعالى بهذا العمل وهو غير ضائع عنده جل شأنه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحٗا فَمُلَٰقِيهِ} (6)

قوله : { ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه } الإنسان ههنا اسم جنس والمراد به ابن آدم . والكدح معناه ، العمل والسعي والكدّ والكسب . والمعنى : يا ابن آدم إنك ساع إلى ربك سعيا فملاقيه به سواء كان سعيك خيرا أو شرا ، فاحذر الآخرة وسوء الحساب ، واعمل من الخير والطاعة ما تنجو به يوم اللقاء .