روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

{ وَتَرَى الملائكة حَافّينَ } أي محدقين من الحفاف بمعنى الجانب جمع حاف كما قال الأخفش ، وقال الفراء : لا يفرد فقيل : أراد أن المفرد لا يكون حافاً إذ الإحداق والإحاطة لا يتصور بفرد وإنما يتحقق بالجمع ، وقيل : أراد أنه لم يرد استعمال مفرده . وأورد على الأول أن الإحاطة بالشيء بمعنى محاذاة جميع جوانبه فتتصور في الواحد بدورانه حول الشيء فإنه حينئذٍ يحاذي جميع جوانبه تدريجاً فيكون الحفوف بمعنى الدوران حوله أو يراد بكونه حافاً أنه جزء من الحاف وله مدخل في الحفوف ، ولو صح ما ذكر لم يصح أن يقال : طائف أو محدق أو محيط أو نحوه مما يدل على الإحاطة . وأورد على الثاني أنا لم نجد ورود جمع سالم لم يرد استعمال مفرده فبعد ورود حافين الظاهر ورود حاف كما لا يخفى ، والخطاب لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم ، وجوز أن يكون لكل من تصح منه الرؤية كأنه قيل : وترى أيها الرائي الملائكة حافين { مِنْ حَوْلِ العرش } أي حول العرش على أن { مِنْ } مزيد على رأي الأخفش وهو الأظهر ، وقيل : هي للابتداء فحول العرش مبتدأ الحفوف وكأن الحفوف حينئذٍ للخلق ، وفي بعض الآثار ما هو ناطق بذلك ، وفيها ما يدل على أن العرش يوم فصل القضاء يكون في الأرض حيث يشاء الله تعالى والأرض يومئذٍ غير هذه الأرض ، على أن أحوال يوم القيامة وشؤون الله تعالى وراء عقولنا وسبحان من لا يعجزه شيء ، والظاهر أن الرؤية بصرية فحافين حال أولى وقوله تعالى : { يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ } حال ثانية ، ويجوز أن يكون حالاً من ضمير { حَافّينَ } المستتر ، وجوز كون الرؤية علمية فحافين مفعول ثان وجملة { يَسْبَحُونَ } حال من { الملائكة } أو من ضميرهم في { حَافّينَ } والباء في { بِحَمْدِهِ } للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي ينزهونه تعالى عما لا يليق به ملتبسين بحمده ، وحاصله يذكرون الله تعالى بوصفي جلاله وإكرامه تبارك وتعالى ، وهذا الذكر إما من باب التلذذ فإن ذكر المحبوب من أعظم لذائذ المحب كما قيل

: أجد الملامة في هواك لذيذة *** حباً لذكرك فليلمني اللوم

أو من باب الامتثال ويدعي أنهم مكلفون ، ولا يسلم أنهم خارجون عن خطة التكليف أو يخرجون عنها يوم القيامة ، نعم لا يرون ذلك كلفة وإن أمروا به . وفي حديث طويل جداً أخرجه عبد بن حميد . وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان . وأبو يعلى . وأبو الحسن القطان في المطولات . وأبو الشيخ في العظمة . والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة «فبيننما نحن وقوف أي في المحشر إذ سمعنا حساً من السماء شديداً فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم تنزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم تنزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السماوات السبع ثم ينزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة تحمل عرشه يومئذٍ ثمانية وهم اليوم أربعة أقدامهم على تخوم الأرض السفلي والأرضون والسماوات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف سبحانه بصوته فيقول عز وجل : يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقتكم إلى يومكم هذا أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيراً فليحمد الله تعالى ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه »

الحديث .

/ { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بالحق } أي بين العباد كلهم بإدخال بعضهم الجنة وبعضهم النار فإن القضاء المعروف يكون بينهم ، ولوضوح ذلك لا يضر كون الضمير لغير الملائكة مع أن ضمير { يَسْبَحُونَ } لهم إذ التفكيك لا يمتنع مطلقاً كما توهم ، وقيل : ضمير { بَيْنَهُمْ } للملائكة واستظهره أبو حيان ، وثوابهم وإن كانوا كلهم معصومين يكون على حسب تفاضل أعمالهم فيختلف تفاضل مراتبهم فإقامة كل في منزلته حسب عمله هو القضاء بينهم بالحق .

{ وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبّ العالمين } أي على ما قضى بيننا بالحق ، والقائل قيل : هم المؤمنين المقضي لهم لا ما يعمهم والمقضي عليهم ، وحمدهم الأول على إنجاز وعده سبحانه وإيراثهم الأرض يتبوؤون من الجنة ما شاؤا ، وحمدهم هذا على القضاء بالحق بينهم فلا تكرار .

وقال الطيبي : إن الأول للتفصلة بين الفريقين بحسب الوعد والوعيد والسخط والرضوان ، والثاني للتفرقة بينهما بحسب الأبدان ففريق في الجنة وفريق في السعير والأول أحسن ، وقيل : هم الملائكة يحمدونه تعالى على قضائه سبحانه بينهم بالحق وإنزال كل منهم منزلته ، وعليه ليس في الحمدين شائبة تكرار لتغاير الحامدين .

وقيل : { قِيلَ } دون قالوا لتعينهم وتعظيمهم ، وجوز كون القائل جميع العباد منعمهم ومعذبهم ؛ وكأنه أريد أن الحمد من عموم الخلق المقضي بينهم هنا إشارة إلى التمام وفصل الخصام كما يقوله المنصرفون من مجلس حكومة ونحوها ، فيحمده المؤمنون لظهور حقهم وغيرهم لعدله واستراحتهم من انتظار الفصل ، ففي بعض الآثار أنه يطول الوقوف في المحشر على العباد حتى إن أحدهم ليقول : رب أرحني ولو إلى النار ، وقيل : إنهم يحمدونه إظهاراً للرضا والتسليم .

وقال ابن عطية : هذا الحمد ختم للأمر يقال عند انتهاء فصل القضاء أي إن هذا الحاكم العدل ينبغي أن يحمد عند نفوذ حكمه وإكمال قضائه ، ومن هذه الآية جعلت { الحمد للَّهِ رَبّ العالمين } خاتمة المجالس في العلم ، هذا والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على رسوله محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .

ومن باب الإشارة : { وَتَرَى الملائكة حَافّينَ مِنْ حَوْلِ العرش } إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم في مقعد صدق عند مليك مقتدر بناءً على أن العرش لا يتحول { يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ } إشارة إلى نعيمهم { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بالحق } أعطى كل ما يستحقه { وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبّ العالمين } [ الزمر : 75 ] على انقضاء الأمر وفصل القضاء بالعدل الذي لا شبهة فيه ولا امتراء ، هذا والحمد لله تعالى على أفضاله والصلاة

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وترى} يا محمد {الملائكة حافين من حول العرش} يعني تحت العرش.

{يسبحون بحمد ربهم} يعني يذكرونه بأمر ربهم.

{وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين}.

وذلك أن الله تبارك وتعالى افتتح الخلق بالحمد، وختم بالحمد، فقال: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} [الأنعام:1]، وختم بالحمد حين قال: {وقضي بينهم بالحق} يعني العدل.

{وقيل الحمد لله رب العالمين}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وترى يا محمد الملائكة محدقين من حول عرش الرحمن، ويعني بالعرش: السرير... والمعنى: حافّين حول العرش...

"يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ": يصلون حول عرش الله شكرا له، والعرب تدخل الباء أحيانا في التسبيح، وتحذفها أحيانا، فتقول: سبح بحمد الله، وسبح حَمْدَ الله، كما قال جلّ ثناؤه: "سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى"، وقال في موضع آخر: "فَسَبّحْ باسْم رَبّكَ العَظِيمِ". "وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحَقّ": وقضى الله بين النبيين الذين جيء بهم، والشهداء وأممها بالعدل، فأسكن أهل الإيمان بالله، وبما جاءت به رسله الجنة، وأهل الكفر به، وبما جاءت به رسله النار.

"وَقِيلَ الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العَالمِينَ": وختمت خاتمة القضاء بينهم بالشكر للذي ابتدأ خلقهم الذي له الألوهية، ومُلك جميع ما في السموات والأرض من الخلق من ملك وجنّ وإنس، وغير ذلك من أصناف الخلق...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: التسبيح عندنا بحمد ربهم، هو أن يسبّحوا بثناء ربهم وحمده، أي يبرّؤوه، وينزّهوه عن جميع معاني الخلق؛ بثناء وحمد يحمدونه، ويثنون عليه على ما ذكرنا في غير موضع.

{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ}...قيل: بين الخلائق كلهم، وجائز أن يكون بين المؤمنين وأعدائهم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

الحفوف:الإحداق بالشيء، وهذه اللفظة مأخوذة من الحفاف وهو الجانب...

ومن هذه الآية جعلت {الحمد لله رب العالمين} خاتمة المجالس والمجتمعات في العلم...

وجعل الله {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 1] فاتحة كتابه، فبه يبدأ كل أمر وبه يختم.

التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :

فحذف فاعل القول، لأنه غير معين، بل كل أحد يحمده على ذلك الحكم الذي حكم به، فيحمده أهل السموات وأهل الأرض: والأبرار، والفجار، والإنس والجن حتى أهل النار. قال الحسن وغيره: لقد دخلوا النار، وإن حمده لفي قلوبهم، ما وجدوا عليه سبيلا.

وهذا -والله أعلم- هو السر الذي حذف لأجله الفاعل في قوله: {قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها} [الزمر: 72]

وفي قوله: {وقيل ادخلا النار مع الداخلين} [التحريم: 10] كأن الكون كله نطق بذلك، وقاله لهم ذلك.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر سبحانه الذين ركب فيهم الشهوات، وما وصلوا إليه من المقامات، أتبعهم أهل الكرامات الذين لا شاغل لهم عن العبادات، فقال صارفاً الخطاب لعلو الخبر إلى أعلى الخلق أنه لا يقوم بحق هذه الرؤية غيره: {وترى} معبراً بأخص من الإبصار الأخص من النظر، كما بين في البقرة في قوله تعالى {إن القوة لله جميعاً} [البقرة: 165]

{الملائكة} القائمين بجميع ما عليهم من الحقوق {حافين} أي محدقين ومستديرين وطائفين في جموع لا يحصيها إلا الله، وإدخال {من} يفهم أنهم مع كثرتهم لا يملؤون ما حوله، حال كونهم {يسبحون بحمد}، وصرف القول إلى وصف الإحسان مدحاً لهم بالتشمير لشكر المنعم وتدريباً لغيرهم فقال: {ربهم} أي يبالغون في التنزيه عن النقص بأن يتوهم متوهم أنه محتاج إلى عرش أو غيره، وأن يحويه مكان متلبسين بإثبات الكمال للمحسن إليهم بإلزامهم بالعبادة من غير شاغل يشغلهم، ولا منازع من شهوة أو حظ يغفلهم، تلذذاً بذكره وتشرفاً بتقديسه؛ ولأن حقه إظهار تعظميه على الدوام كما أنه متصل الإنعام...

ولما تقدم ذكر الحكم بين أهل الشهوات بما برز عليهم من الشهادات، ذكر هنا الحكم بينهم وبين الملائكة الذين فاضوا في أصل خلقهم بقولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} الآية فقال: {وقضى بينهم} أي بين أهل الشهوات وأهل العصمة والثبات.

ولما كان السياق عاماً في الترغيب والترهيب عدلاً وفضلاً، بخلاف سياق سورة يونس عليه السلام، قال: {بالحق} بأن طوبق بما أنزلنا فيهم في الكتب التي وضعناها لحسابهم الواقع، فمن طغى منهم أسكناه لظى بعدلنا، ومن اتقى نعمناه في جنة المأوى بفضلنا، لجهادهم ما فيهم من الشهوات حتى ثبتوا على الطاعات، مع ما ينزعهم من الطبائع إلى الجهالات، وأما الملائكة فأبقيناهم على حالهم في العبادات: {وقيل} أي من كل قائل: آخر الأمور كلها {الحمد} أي الإحاطة بجميع أوصاف الكمال، وعدل بالقول إلى ما هو حق بهذا المقام فقال: {لله} ذي الجلال والإكرام، علمنا ذلك في هذا اليوم علم، اليقين كما كنا في الدنيا نعلمه علم اليقين.

ولما كان ذلك اليوم أحق الأيام بمعرفة شمول الربوبية؛ لاجتماع الخلائق وانفتاح البصائر وسعة الضمائر، قال واصفاً له سبحانه بأقرب الصفات إلى الاسم الأعظم {رب العالمين} أي الذي ابتدأهم أولاً من العدم، وأقامهم ثانياً بما رباهم به من التدبير، وأعادهم ثالثاً بعد إفنائهم بأكمل قضاء وتقدير، وأبقاهم رابعاً لا إلى خير، فقد حقق وعده كما أنزل في كتابه وصدق وعيده لأعدائه كما قال في كتابه، فتحقق أنه تنزيله، فقد ختم الأمر بإثبات الكمال باسم الحمد عند دخول الجنان والنيران كما ابتدأ به عند ابتداء الخلق في أول الإنعام، فله الإحاطة بالكمال في أن الأمر كما قال كتابه على كل حال، فقد انطبق آخرها على أولها بأن الكتاب تنزيله لمطابقة كل ما فيه للواقع عندما يأتي تأويله، وبأن الكتاب الحامل على التقوى المسببة للجنة أنزل للإبقاء الأول، فمن أتبعه كان له سبباً للإبقاء الثاني، وهذا الآخر هو عين أول سورة غافر فسبحان من أنزله معجزاً نظامه، فائتاً القوى أول كل شيء منه وختامه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وأهل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين...

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

والخطاب لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون لكل من تصح منه الرؤية كأنه قيل: وترى أيها الرائي الملائكة حافين...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم فيكون إيذاناً بأنها رؤية دنو من العرش وملائكته، وذلك تكريم له بأن يكون قد حواه موكب الملائكة الذين حول العرش. والحَفُّ: الإِحداق بالشيء والكون بجوانبه.

وجملة {يُسَبحون بحمد ربهم} حال، أي يقولون أقوالاً تدل على تنزيه الله تعالى وتعظيمه مُلابسَةً لحمدهم إياه، فالباء في {بحمد ربهم} للملابسة تتعلق ب

{يسبحون}، وفي استحضار الله تعالى بوصف ربهم، إيماء إلى أن قربهم من العرش ترفيع في مقام العبودية الملازمة للخلائق.

{وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بالحق} تأكيد لجملة {وقُضِي بينهم بالحقِّ وهُم لا يُظلمون} [الزمر: 69] المتقدمةِ.

{وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين} يجوز أن يكون توكيداً لجملة {وقالوا الحَمْدُ لله الَّذي صَدَقنا وَعْده}، ويجوز أن يكون حكاية قول آخر لقائلين من الملائكة والرسل وأهل الجنة، فهو أعم من القول المتقدم الذي هو قول المسُوقين إلى الجنة من المتقين، فهذا قولهم يحمدون الله على عدل قضائه وجميع صفات كماله...