روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة العنكبوت

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت بمكة وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير نحو ذلك وروي القول بأنها مكية عن الحسن وجابر وعكرمة وعن بعضهم أنها آخر ما نزل بمكة وفي البحر عن الحبر وقتادة أنها مدنية وقال يحيى ابن سلام : هي مكية إلا من أولها إلى قوله ( وليعلمن المنافقين ) وذكر ذلك الجلال السيوطي في الاتقان ولم يعزه وأنه لما أخرجه ابن جرير في سبب نزولها ثم قال : قلت ويضم إلى ذلك ( وكأين من دابة ) الآية لما أخرجه ابن أبي حاتم في سبب نزولها وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في ذلك وهي تسع وستون آية بالإجماع كما قال الداني والطبرسي وذكر الجلال في وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى أخبر في أول السورة السابقة عن فرعون أنه ( علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ) وافتتح هذه بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الايمان بعذاب دون ما عذب به فرعون بني إسرائيل بكثير تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم وحثا على الصبر ولذا قيل هنا : ( ولقد فتنا الذين قبلهم ) وأيضا لما كان في خاتمة الأولى الاشارة إلى هجرة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي في قوله تعالى : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) على بعض الاقوال وفي خاتمة هذه الاشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله تعالى : ( يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة ) ناسب تتاليهما .

{ الم } سبق الكلام فيه وفي نظائره ولم يجوز بعضهم هنا ارتباط ما بعده به ارتباطاً أعرابياً لأن الاستفهام مانع منه وبحث فيه بأن اللازم في الاستفهام تصدره في جملته وهو لا ينافي وقوع تلك الجملة خبراً ونحوه كقولك : زيد هل قام أبوه ؟ فلو قيل هنا المعنى المتلو عليك .