التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية . وقيل : مكية باستثناء آيات ثلاث . وتسمى سورة النعم ؛ لما عدد الله فيها من نعمه على العباد ، كخلق الأنعام للناس ليكون لهم فيها دفء ومنافع وطعام . ولهم فيها جمال إذا راحوا أو سرحوا . ومن نعمه إنزال الماء من السماء ليكون لهم منه شراب وسوم ومختلف الزروع والثمرات . ومن نعمه عليهم أيضا تسخير الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والبحار والأنهار والجبال . وفي ذلك من أصناف النعم والمنافع ما لا يحصى . إلى غير ذلك من ضروب القصص والأخبار والحقائق في الطبيعة والأحياء والمجتمع . ومن جملة ذلك : التنديد بما كانت تتلطخ به تصورات الجاهليين من إحساس مستقبح عن الأنثى ؛ إذ كانوا يتوارون من بعضهم لفرط امتعاضهم وضيقهم من ولادة الأنثى . هذا الشعور الظالم البغيض قد ندد به الإسلام واستفظعه استفظاعا .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون } ( أتى ) ، بمعنى يأتي . فقد أقام الماضي مقام المستقبل ، لتحقيق إثبات الأمر وصدقه . يعني عبّر بصيغة الماضي ليدل على التحقيق والوقوع لا محالة{[2489]} . والمراد بأمر الله : قيام الساعة ، وذلك وعيد من الله للمشركين الظالمين بأن الساعة قد اقتربت وأن عذابهم قد دنا أجله . وذلك رد على استسخارهم الحقير ؛ فقد كانوا لجهالتهم وسفاهتهم يستعجلون قيام الساعة ونزول العذاب بهم . وذلك على سبيل الاستهزاء والتكذيب . والمعنى : أنه قرب قيام الساعة وما فيها من بالغ العقاب لكم فلا تطلبوا مجيء الساعة والعذاب قبل وقتهما المكتوب .

قوله : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) ينزه الله نفسه عن الشرك والشركاء والأنداد . وما ، في قوله : ( عما ) تحتمل كونها مصدرية . والتقدير : سبحانه وتعالى عن إشراكهم . وتحتمل كونها موصولة بمعنى الذي . والتقدير : سبحانه وتعالى عن الشركاء والأضداد والأنداد ؛ فهو خالق كل شيء ، وله ملكوت كل شيء ليس له في ذلك نديد{[2490]} .


[2489]:- البيان للأنباري جـ 2 ص 74.
[2490]:- تفسير الرازي جـ19 ص 223 وتفسير النسفي جـ2 ص 280 وفتح القدير جـ3 ص 147.