التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ} (13)

قوله : { يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم } وذلك مما يقع يوم القيامة من شديد الأهوال وفظيع المشاهد ، وحينئذ لا ينجو من البلاء والكرب إلا من كتب الله له نجاة . وقد قيل : يغشى الناس يوم القيامة ظلمة شديدة لا يرون فيها شيئا فيعطي المؤمنون نورا يستضيئون به ، ويترك الكافرون والمنافقون من غير نور ، فيتيهون ويخبطون لا يرون شيئا فيلجّون حائرين مذعورين فيقولون للذين آمنوا : { انظرونا نقتبس من نوركم } أي انتظرونا لكي نصيب من نوركم فنستنير به ونستضيء . وقال ابن عباس : بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان النور دليلا من الله إلى الجنة . فلما رأى المنافقون والمنافقات المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ { انظرونا نقتبس من نوركم } فإنا كنا معكم في الدنيا فقال لهم المؤمنون : { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } أي ارجعوا وراءكم ، من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور .

قوله : { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب } والمراد بالسور ، حائط يحول بين شق الجنة وشق النار ، قيل هو الأعراف . ولهذا السور باب لأهل الجنة يدخلون منه ، وباطن السور وهو الشق الذي يلي الجنة { فيه الرحمة } أي الجنة . { وظاهره } يعني ما ظهر لأهل النار منه ، من جهته { العذاب } أي النار .

فالمراد بذلك سور يضرب يوم القيامة ليفصل بين المؤمنين والمنافقين ويكون بينهم حاجزا . فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلام والعذاب ، وقد كانوا في الدنيا في جهالة وكفران وباطل .