وقوله تعالى : { يَوْمَ يَقُولُ المنافقون } قيل : { يَوْمَ } هو بدل من الأول ، وقيل : العامل فيه «اذكر » ، قال ( ع ) : ويظهر لي أَنَّ العاملَ فيه قوله تعالى : { ذلك هُوَ الفوز العظيم } ويجيء معنى الفوز أَفْخَمَ ؛ كأَنَّهُ يقول : إنَّ المؤمنين يفوزون بالرحمة يومَ يعتري المنافقين كذا وكذا ، لأَنَّ ظهورَ المرء يومَ خمول عَدُوِّه ومُضَادِّهِ أَبْدَعُ وأَفْخَمُ ، وقول المنافقين هذه المقالةَ المحكية ، هو عند انطفاء أنوارهم ، كما ذكرنا قبل ، وقولهم : ( انْظُرُونَا ) معناه : انتظرونا ، وقرأ حمزة وحده : ( أنظرونا ) بقطع الألف وكسر الظاء ومعناه أَخِّرُونا ؛ ومنه : { فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ } ومعنى قولهم أَخِّرونا ، أي : أخِّروا مشيَكم لنا ؛ حَتَّى نلتحق فنقتبسَ من نوركم ، واقتبس الرجل : أخذ من نور غيره قَبَساً ، قال الفخر : القَبَسُ : الشعلة من النار والسراج ، والمنافقون طَمِعُوا في شيء من أنوار المؤمنين ، وهذا منهم جهل ؛ لأَنَّ تلك الأنوار نتائج الأعمال الصالحة في الدنيا ، وهم لم يقدموها ، قال الحسن : يُعْطَى يومَ القيامة كُلُّ أحد نوراً على قَدْرِ عمله ، ثم يؤخذ من حجر جهنم ومِمَّا فيها من الكلاليب والحسك ويُلْقَى على الطريق ، ثم تمضي زمرة من المؤمنينَ ، وُجُوهُهُم كالقمر ليلةَ البدر ، ثم تمضي زمرة أُخرى كأضواء كوكب في السماء ، ثم على ذلك ، ثم تغشاهم ظلمة تُطْفئ نورَ المنافقين ، فهنالك يقول المنافقون للذين آمنوا : { انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } ، انتهى .
وقوله تعالى : { قِيلَ ارجعوا وَرَاءَكُمْ } يحتمل أنْ يكون من قول المؤمنين لهم ، ويحتمل أنْ يكون من قول الملائكة ، والقول لهم : { فالتمسوا نُوراً } : هو على معنى التوبيخ لهم ، أي : إنَّكم لا تجدونه ، ثم أعلم تعالى أَنَّهُ يضرب بينهم في هذه الحال بسورٍ حاجز ، فيبقى المنافقون في ظُلْمَةٍ وعذاب .
وقوله تعالى : { بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة } أي : جهة المؤمنين { وظاهره } : جهة المنافقين ، والظاهر هنا : البادي ؛ ومنه قول الكُتَّابِ : من ظاهر مدينة كذا ، وعبارة الثعلبيِّ : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } : وهو حاجز بين الجنة والنار ، قال أبو أمامة الباهليُّ : فيرجعون إلى المكان الذي قُسِّمَ فيه النور فلا يجدون شيئاً فينصرفون إليهم ، وقد ضُرِبَ بينهم بسور ، قال قتادة : حائط بين الجنة والنار ، له باب { بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة } ، يعني : الجنة ، { وظاهره مِن قِبَلِهِ العذاب } يعني النار ، انتهى . قال ( ص ) : قال أبو البقاء : الباء في { بِسُورٍ } زائدة ، وقيل : ليست بزائدة ، قال أبو حيان : والضمير في { بَاطِنُهُ } عائدٌ على الباب ، وهو الأظهر لأَنَّهُ الأقرب ، وقيل : على سور ، أبو البقاء : والجملة صفة لباب أو لسور ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.