إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ} (13)

{ يَوْمَ يَقُولُ المنافقون والمنافقات } بدلٌ مِن يومَ تَرَى { لِلَّذِينَ آمَنُوا انظرونا } أي انتظرونَا يقولونَ ذلكَ لما أنَّ المؤمنينَ يُسرَع بِهم إلى الجنَّةِ كالبرقِ الخاطفِ على ركابٍ تزفُّ بهم وهؤلاءِ مشاةٌ أو انظروا إلينَا فإنَّهم إذا نظرُوا إليهم استقبلُوهم بوجوهِهم فيستضيئونَ بالنُّورِ الذي بينَ أيديِهم . وقُرِئَ أَنِظرُونا من النَّظِرةِ وهي الإمهالُ جعلَ اتئادَهم في المُضيِّ إلى أنْ يلحقُوا بهم إنظاراً لهم { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } أي نستضئُ منه وأصلُه اتخاذُ القبسِ . { قِيلَ } طَرداً لهم وتهكماً بهِم من جهة المؤمنينَ أو جهة الملائكةِ { ارجعوا وَرَاءكُمْ } أي إلى الموقف { فالتمسوا نُوراً } فإنَّه من ثمَّ يُقتبسُ أو إلى الدُّنيا فالتمسُوا النورَ بتحصيل مباديِه من الإيمان والأعمالِ الصالحةِ أو ارجعوا خائبينَ خاسئينَ فالتمسُوا نوراً آخرَ وقد علمُوا أنْ لا نورَ وراءَهُم وإنما قالُوه تخييباً لهم أَوْ أرادُوا بالنورِ ما وراءَهُم من الظُّلمةِ الكثيفةِ تهكماً بهم { فَضُرِبَ بَيْنَهُم } بينَ الفريقينِ { بِسُورٍ } أي حائطٍ ، والباءُ زائدةٌ { لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ } أي باطنُ السُّورِ أو البابِ وهو الجانبُ الذي يلي الجنَّةَ { فِيهِ الرحمة وظاهره } وهو الطرفُ الذي يَلي النَّارَ { مِن قَبْلِهِ } من جهتِه { العذاب } وقُرِئَ فضَرَبَ على البناءِ للفاعلِ .