بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ} (13)

قوله تعالى : { يَوْمَ يَقُولُ المنافقون والمنافقات لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } يعني : نُصِبْ من نوركم ، فتضيء معكم . وروي عن أبي أمامة الباهلي أنه قال : «بينما العباد يوم القيامة عند الصراط ، إذ غشيتهم ظلمة . ثم يقسم الله تعالى النور بين عباده ، فيعطي الله المؤمن نوراً ، ويبقى الكافر والمنافق لا يعطيان نوراً ، فكما لا يستضيء الأعمى بنور البصر ، كذلك لا يستضيء الكافر والمنافق بنور الإيمان ، فيقولان : انظرونا نقتبس من نوركم ، فيقال لهم : { قِيلَ ارجعوا } حيث قسم النور فيرجعون ، فلا يجدون شيئاً ، فيرجعون ، وقد ضرب بينهم بسور " . وعن الحسن البصري قال : إن المنافقين يخادعون الله ، وهو خادعهم ، لأنه يعطي المؤمن والمنافق نوراً ، فإذا بلغوا الصِّراط ، اطفىء نور المنافق ، فيقول : المنافقون { انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } قال : فيشفق المؤمنون حين طفىء نور المنافقين ، فيقولون : عند ذلك { رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } . قرأ حمزة { انظرونا } بنصب الألف ، وكسر الظاء المعجمة . والباقون : بالضم . فمن قرأ : بالنصب ، فمعناه : أمهلونا . ومن قرأ بالضم ، فمعناه : انتظرونا . فقال لهم المؤمنون : ارجعوا { وَرَاءكُمْ فالتمسوا نُوراً } يعني : ارجعوا إلى الدنيا ، فإنا جعلنا النور في الدنيا . ويقال : ارجعوا إلى المحشر حيث أعطينا النور ، واطلبوا نوراً ، فيرجعون في طلب النور ، فلم يجدوا شيئاً ، { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } يعني : ظهر لهم . ويقال : بين أيديهم بسور . يعني : بحائط بين أهل الجنة ، وأهل النار ، { لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ } يعني : باطن السور { فِيهِ الرحمة } يعني : الجنة { وظاهره مِن قِبَلِهِ العذاب } يعني : النار . ويقال : هو السور الذي عليه أصحاب الأعراف ، فيظهر بين الجنة ، والنار . باب يعني : عليه : باب فيجاوز فيه المؤمنون ، ويبقى المنافقون على الصراط في الظلمة .