قوله { يوم يقول } بدل من قوله { يوم ترى } ومنصوب ب " أذكر " مقدراً . قال جمع من العلماء : الناس كلهم يوم القيامة في الظلمات ثم إنه تعالى يعطي المؤمنين هذه الأنوار والمنافقون يطلبونها منهم قائلين { انظرونا } لأنهم إذا نظروا إليهم والنور قدامهم استضاؤا بتلألؤ تلك الأنوار . قال الفارسي : حذف الجار وأوصل الفعل وأنشد أبو الحسن :
ظاهرات الجمال والحسن ينظرن *** كما ينظر الأراك الظباء
والمعنى ينظرن إلى الأراك فإن كانت هذه الحالة عند الموقف فالمراد انظروا إلينا ، وإن كانت هذه الحالة عند سير المؤمنين إلى الجنة احتمل أن يكون النظر بمعنى الانتظار لأنهم يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة على الركاب وهؤلاء مشاة في القيود والسلاسل . ومن قرأ { انظرونا } أي أمهلونا جعل استبطاءهم في المضي إلى أن يلحقوا بهم إمهالاً لهم . قال الحسن : يعطى يوم القيامة كل أحد نوراً على قدر عمله . ثم إنه يؤخذ من جمر جهنم وما فيه من الكلاليب والحسك وتلقى على الطريق فتمضي زمرة من المؤمنين وجوههم كالقمر ليلة البدر ، ثم تمضي زمرة أخرى كأضواء الكواكب في السماء . ثم على ذلك ثم على ذلك ، ثم تغشاهم الظلمة فينطفئ نور المنافقين فهناك يقول المنافقون للمؤمنين انظرونا { نقتبس من نوركم } والاقتباس أخذ القبس أي الشعلة من النار { قيل ارجعوا وراءكم } أي إلى الموقف حيث أعطينا هذا النور فاطلبوا نوراً وهو تهكم بهم أو إلى الدنيا { فالتمسوا نوراً } بتحصيل سببه وهو الإيمان والعمل الصالح أو اكتساب المعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة كأنها خدعة خدع بها المنافقون كقوله { يخادعون الله وهو خادعهم } [ البقرة :9 ] وعلى هذا فالسور هو امتناع العود إلى الدنيا وعلى الأول قالوا : إنهم يرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئاً فينصرفون إليهم فيجدون السور مضروباً بينهم وبين المؤمنين وهو حائط الجنة أو هو الأعراف { باطنه } أي باطن السور أو الباب وهو الشق الذي يلي الجنة { فيه الرحمة وظاهره } وهو ما ظهر لأهل النار { من قبله } أي من جهته { العذاب } قال أبو مسلم : المراد من قول المؤمنين { ارجعوا } منع المنافقين عن الاستضاءة كقول الرجل لمن يريد القرب منه " وراءك أوسع لك " والمراد أنه لا سبيل لهم إلى هذا النور ، والمراد من السور منعهم من رؤية المؤمنين قال الأخفش : الباء في قوله { بسور } صلة وفائدته التوكيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.