الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ} (13)

قوله : { يوم يقولون المنافقون } إلى قوله : { ولهم أجر كريم } الآيات [ 13 -17 ] .

أي ذلك هو الفوز العظيم في يوم يقول هؤلاء المنافقون .

{ للذين آمنوا انظرونا } أي : تمهلوا علينا .

{ نقتبس من نوركم } أي : نستصبح من نوركم .

و{ نظرونا } في قراءة من وصل الألف من نظر ينظر : إذا انتظر {[67218]} .

وقرأ حمزة بقطع الألف ، جعله من أنظره : إذا أخره ، وهو بعيد في المعنى إذا حملته على التأخير ، وإنما يجوز على معنى {[67219]} تمهلوا علينا {[67220]} .

يقال أنظرني : بمعنى تمهل علي وترفق ، حكاه علي بن سليمان فعلى هذا يجوز قراءة حمزة {[67221]} .

وحكى غيره أنظرني : بمعنى اصبر علي ، كما قال ( عمرو بن كلثوم ) {[67222]} : ( وأنظرنا نخبرك اليقينا ) {[67223]} [ أي اصبر {[67224]} علينا ] ، فعلى هذا أيضا تصح قراءة حمزة {[67225]} .

ثم قال : { قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } .

يقال {[67226]} لهم ارجعوا من حيث [ جئتم ] {[67227]} فاطلبوا لأنفسكم هنالك نورا [ فإنه ] {[67228]} لا سبيل إلى الاقتباس من نورنا .

قال ابن عباس بينما الناس في ظلمة إذا بعث الله جل ثناؤه نورا ، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه ، وكان النور لهم دليلا من الله جل وعز {[67229]} إلى الجنة ، فلما رآى المنافقون المؤمنين {[67230]} قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين ، فقالوا حينئذ : انظرونا نقتبس من نوركم فإنا [ كنا ] {[67231]} معكم في الدنيا قال المؤمنون راجعوا من حيث جئتم {[67232]} من الظلمة التمسوا هنالك النور {[67233]} .

ثم قال : { فضرب بينهم بسور } أي : فضرب الله بين المؤمنين والمنافقين بسور وهو حاجز بين أهل الجنة [ وأهل ] {[67234]} النار .

قال ابن زيد هذا السور هو الذي قال جل وعز { وبينهما حجاب } {[67235]} {[67236]} .

ويقال أن ذلك السور ببيت المقدس عن موضع يعرف بوادي جهنم {[67237]} .

وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعن ابن عباس {[67238]} .

وكان كعب يقول في الباب الذي يسمى باب الرحمة : في بيت المقدس {[67239]} أنه الباب الذي قال الله عز وجل {[67240]} { له باب باطنه فيه الرحمة } {[67241]} والرحمة هنا الجنة ، والعذاب : النار {[67242]} . /


[67218]:انظر: جامع البيان 27/129، والتيسير 208، والحجة 342، وإعراب النحاس 4/357، والسعة لابن مجاهد 626، وحجة القراءات 700 وتفسير القرطبي 17/245.
[67219]:ح: "المعنى".
[67220]:انظر: الكشف 2/309، وإعراب النحاس 4/357، وتفسير القرطبي 17/245، والنشر 2/384.
[67221]:انظر: إعراب النحاس 4/357، والسبعة لابن مجاهد 625، وحجة القراءات 699.
[67222]:ع: الشاعر أبا هند فلا تعجل علينا.
[67223]:وهو الشطر الثاني من ببيت لعمرو بن كلثوم. أبا هند فلا تعجل علينا *** وانظرنا نخبرك اليقينا انظر: معلقة عمرو بن كلثوم 27/199، وجمهرة أشعار العرب 1/344.
[67224]:ساقط من ح.
[67225]:انظر: جامع البيان 27/199، وتفسير القرطبي 17/245.
[67226]:ع: "أي يقال".
[67227]:ع: "شئتم".
[67228]:ساقط من ح.
[67229]:ع: "عز وجل".
[67230]:ع: "المؤمنون" وهو خطأ.
[67231]:ساقط من ح.
[67232]:ع: "شئتم".
[67233]:انظر : جامع البيان 27/129، والدر المنثور 8/53.
[67234]:ساقط من ح.
[67235]:الأعراف: 45.
[67236]:انظر: جامع البيان 27/129، وابن كثير 4/310.
[67237]:انظر: جامع البيان 27/129، وتفسير القرطبي 17/246، وابن كثير 4/310.
[67238]:انظر: جامع البيان 27/130، وتفسير القرطبي 17/246، وابن كثير 4/310.
[67239]:انظر: إعراب النحاس 4/258، وتفسير القرطبي 17/246.
[67240]:ساقط من ع.
[67241]:الحديد: 13.
[67242]:انظر: جامع البيان 27/130.