التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

{ كلاّ }

أكّد الردع الأول بحرف الردع الثاني في آخر الجملة وهو المَوْقع الحقيق لِحرف الردع إذْ كان تقديم نظيره في أول الجملة ، لِما دعا إليه لمقام من التشويق .

{ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بالناصية } .

أعقب الردع بالوعيد على فعله إذا لم يرتدع وينته عنه .

واللام موطئة للقسم ، وجملة « لنسفَعَنْ » جواب القسم ، وأما جواب الشرط فمحذوف دل عليه جواب القَسَم .

والسفْع : القبض الشديد بجَذْب .

والناصية مقدَّم شعر الرأس ، والأخذ من الناصية أخذُ من لا يُترك له تَمَكُّنٌ من الانفلات فهو كناية عن أخذه إلى العذاب ، وفيه إذلال لأنهم كانوا لا يقبضون على شعر رأس أحد إلاّ لضربه أو جرّه . وأكدَ ذلك السفع بالباء المزيدة الداخلة على المفعول لتأكيد اللصوق .

والنون نون التوكيد الخفيفة التي يكثر دخولها في القسم المثبَت ، وكتبت في المصحف ألِفاً رعياً للنطق لها في الوقف لأن أواخر الكلِم أكثر ما ترسم على مراعاة النطق في الوقف .

والتعريف في « الناصية » للعهد التقديري ، أي بناصيته ، أي ناصية الذي ينهى عبداً إذا صلى وهذه اللام هي التي يسميها نحاة الكوفة عوضاً عن المضاف إليه . وهي تسمية حسنة وإن أباها البصريون فقدروا في مثله متعلِّقاً لمدخول اللام .