النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

{ كلا لئِن لم يَنْتَهِ لنسفعن بالنّاصِيةِ } يعني أبا جهل ، وفيه وجهان :

أحدهما : يعني لنأخذن بناصيته ، قاله ابن عباس ، وهو عند العرب أبلغ في الاستذلال والهوان ، ومنه قول الخنساء :

جززنا نواصي فرسانهم *** وكانوا يظنّون أنْ لن تُجَزَّا

الثاني : معناه تسويد الوجوه وتشويه الخلقة بالسفعة السوداء ، مأخوذ من قولهم : قد سفعته النار أو الشمس إذا غيرت وجهه إلى حالة تشويه .

وقال الشاعر{[3305]} :

أثافيَّ سُفْعاً مُعَرَّس مِرَجلٍ *** ونُؤْياً كجِذم الحوضِ لم يَتَثَلّمِ{[3306]}

والناصية شعر مقدم الرأس ، وقد يعبّر بها عن جملة الإنسان ، كما يقال : هذه ناصية مباركة إشارة إلى جميع الإنسان .


[3305]:هو زهير ابن أبي سلمى، والبيت من معلقته.
[3306]:الأثافي: واحدها أثفية وهي حجارة ينصب عليها القدر. والسفعة: السواد ومعرس المرجل: موضعه على الأثافي. والمرجل: القدر. والنؤى حجاز من تراب حول البيت لئلا يدخله الماء. وجذم البيت: أصله وأثافي: منصوب بالفعل عرفت في البيت السابق. من شرح القصائد للأنباري.