الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

ثم قال تعالى : { كلا لئن لم ينته } .

قيل : " كلا " رد وردع ، والمعنى : لا يتهيأ( {[76673]} ) لأبي جهل أن يتم له نهي( {[76674]} ) النبي عن صلاته وعبادته ربه( {[76675]} ) .

وقال الطبري : المعنى : ليس( {[76676]} ) الأمر كما إنه يطأ( {[76677]} ) عنق النبي ، أي : لا يقدر على ذلك ولا يصل إليه( {[76678]} ) ، فيوقف على " كلا " على تقدير التقديرين( {[76679]} ) .

ويجوز أن تكون( {[76680]} ) " كلا " بمعنى " حقا " ( {[76681]} ) . وبمعنى " ألا " ، فيبتدأ( {[76682]} ) بها ، إذا ليس قبلها لفظ ظاهر تكون ردا له ، وإنما يحسن الوقف عليها إذا كان قبلها لفظ منصوص يحسن أن يكون ردا له . والوقف عند القتبي( {[76683]} ) على " كلا " ( {[76684]} ) ، وعند أبي حاتم : " يرى " ( {[76685]} ) ، وهو الوجه الظاهر .

وقوله : { لئن لم ينته } تهدد ووعيد ، أي : لئن ينته ابو جهل عن أذى( {[76686]} ) محمد { لنسفعا بالناصية } أي : ] لنأخذن[ ( {[76687]} ) بمقدم رأسه فلنقهرنه ( ولنذلنه )( {[76688]} ) .

يقال : سفعت بيده ، إذا أخذت بها( {[76689]} ) .

وقيل : معناه : لنسودن وجهه ، فاكتفى بذكر الناصية من الوجه ، إذا( {[76690]} ) كانت الناصية في مقدم الوجه( {[76691]} ) .

وقيل : معناه : لنأخذن بناصيته على النار( {[76692]} ) ، كما قال تعالى : { فيوخذ بالنواصي والأقدام }( {[76693]} ) .

]واللام[ ( {[76694]} ) في " لئن " : لام توطئة للقسم( {[76695]} ) ، وهي من ] لامات[ ( {[76696]} ) التأكيد .

]واللام[ ( {[76697]} ) في " لنسفعاً " : لام قسم( {[76698]} ) .

ومعنى " توطئة " ( {[76699]} ) تؤذن بإتيان القسم( {[76700]} ) بعدها .


[76673]:ث: لا يتهيأ.
[76674]:ث: نفي.
[76675]:كلام النحاس في القطع 781 وانظر إعراب النحاس 5/263.
[76676]:ث: أليس.
[76677]:ث: يطأ.
[76678]:انظر جامع البيان 30/255.
[76679]:ث: فيوق على "كلا" ضدين التقديرين. والذي في كتابه "شرح كلا وبلى ونعم": فيوقف على "كلا" على كلا التقديرين" وهو أوضح.
[76680]:ث: يكون.
[76681]:عزاه الشوكاني في فتح القدير 5/469 إلى الجرجاني.
[76682]:ث: فيبتدا بها. واعتبره في "شرح كلا"، ص:62 حسنا بالغا.
[76683]:هو عبد الله بن مسلم، أبو محمد بن قتيبة الكوفي الدينوري، من أئمة النحو واللغة، وروى عن أبي حاتم السجستاني وإسحاق بن راهويه، وكان ثقة فاضلا. (ت: 267هـ أو 276هـ) له: تفسير غريب القرآن (ط) وغيره. وانظر البلغة للفيروز آبادي، ص: 116 وبغية الوعاة 2/63.
[76684]:( القطع ص: 781 وشرح كلا: 61.
[76685]:القطع، ص: 781.
[76686]:ث: إذاء.
[76687]:م: لنأخذ.
[76688]:ساقط من ث. وانظر جامع البيان 30/255.
[76689]:قال أبو عبيدة في مجازه 2/305 وابن قتيبة في الغريب، ص:533، وحكاه صاحب اللسان: (سفع) عن ابن الإعرابي بنحوه.
[76690]:ث: إذا.
[76691]:حكاه الطبري في جامع البيان 30/255 والماوردي في تفسيره 4/485 وعزاه أبو حيان في البحر 8/495 على التبريزي. قاله الزجاج في معانيه 5/345 بنحوه ولفظه "لنجرن ناصيته إلى النار"، وحكاه الطبري في جامع البيان 30/255 والقرطبي في تفسيره 30/125 دون نسبة.
[76692]:انظر المصادر السابقة.
[76693]:الرحمن: 40.
[76694]:م: والم.
[76695]:انظر فتح القدير 5/469.
[76696]:م: الايت.
[76697]:م: والم.
[76698]:هي عند ابن خالويه لام توكيدا، إعرابه، ص:140.
[76699]:ويسميها البعض "اللام المؤذنة" ويسميها البعض الآخر "لام الشرط، انظر تفصيل هذه المسألة في كتاب اللامات للزجاجي، ص:146 والمفصل 9/22 وأساليب القسم، ص: 107.
[76700]:الظاهر من خلال هذه المصادر أنها تؤذن بإتيان جواب القسم بعدها وليس القسم.