المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

وقوله تعالى : { ويمنعون الماعون } وصف لهم بقلة النفع لعباد الله ، وتلك َشُّر خلة{[12000]} ، وقال علي بن أبي طالب وابن عمر : { الماعون } ، الزكاة ، وقال الراعي : [ الكامل ]

قوم على الإسلام لما يمنعوا . . . ماعونهم ويضيعوا التهليلا{[12001]}

وقال ابن مسعود : هو ما يتعاطاه الناس بينهم كالفأس والدلو والآنية والمقص ونحوه ، وقاله الحسن وقتادة وابن الحنفية وابن زيد والضحاك وابن عباس ، وقال ابن المسيب : { الماعون } بلغة قريش : المال ، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم : ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال : «الماء والنار والملح » روته عائشة رضي الله عنها ، وفي بعض الطرق زيادة ( والإبرة والخمير ){[12002]} ، وحكى الفراء عن بعض العرب أن { الماعون } الماء : وقال ابن مسعود : كنا نعد { الماعون } على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية القدر والدلو ونحوها .


[12000]:الخلة: الصفة أو الخصلة.
[12001]:هذا واحد من أبيات قالها عبيد بن حصين الراعي، وهي: أخليفة الإسلام إنا معشر حنفاء نسجد بكرة وأصيلا عرب نرى لله من أموالنا حق الزكاة منزلا تنزيلا قوم على الإسلام لما يمنعوا ماعونهم ويضيعوا التهليلا والبيت الأخير في اللسان، والرواية فيه: "قوم على التنزيل"، و"يبدلوا التنزيلا" وفي التهذيب: "ويبدلوا تبديلا". والبيت شاهد على أن الماعون هو الزكاة، قال صاحب اللسان: "وعليه العمل، وهو من السهولة والقلة لأنها جزء من كل".
[12002]:خرجه ابن ماجه في سننه، وفي إسناده لين، وذكره الثعلبي في تفسيره، ولفظه أن عائشة رضوان الله عليها قالت: قلت: يا رسول الله، ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: (الماء والنار والملح) قلت: يا رسول الله، هذا الماء، فما بال النار والملح؟ فقال: (يا عائشة من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما طبخ بتلك النار، ومن أعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب به ذلك الملح، ومن سقى شربة من الماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق ستين نسمة، ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد فكأنما أحيا نفسا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).