معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (18)

قوله تعالى : { للذين استجابوا } ، أجابوا ، { لربهم } ، فأطاعوه ، { الحسنى } الجنة ، { والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به } ، أي : لبذلوا ذلك يوم القيامة افتداء من النار ، { أولئك لهم سوء الحساب } . قال إبراهيم النخعي : سوء الحساب : أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له من شيء { ومأواهم } في الآخرة { جهنم وبئس المهاد } ، الفراش ، أي : بئس ما مهد لهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (18)

{ للذين استجابوا } للمؤمنين الذين استجابوا . { لربهم الحسنى } الاستجابة الحسنى . { والذين لم يستجيبوا له } وهم الكفرة واللام متعلقة بيضرب على أنه جعل ضرب المثل لشأن الفريقين ضرب المثل لهما . وقيل للذين استجابوا خبر الحسنى وهي المثوية أو الجنة والذين لم يستجيبوا مبتدأ خبره . { لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به } وهو على الأول كلام مبتدأ لبيان مآل غير المستجيبين . { أولئك لهم سوء الحساب } وهو المناقشة فيه بأن يحاسب الرجل بذنبه لا يغفر منه شيء . { ومأواهم } مرجعهم . { جهنم وبئس المهاد } المستقر والمخصوص بالذم محذوف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (18)

استئناف بياني لجملة { كذلك يضرب الله الأمثال } ، أي فائدة هذه الأمثال أن للذين استجابوا لربهم حين يضربها لهم الحسنى إلى آخره .

فمناسبته لما تقدم من التمثيلين أنهما عائدان إلى أحوال المسلمين والمشركين . ففي ذكر هذه الجملة زيادة تنبيه للتمثيل وللغرض منه مع ما في ذلك من جزاء الفريقين لأن المؤمنين استجابوا لله بما عقلوا الأمثال فجوزوا بالحسنى ، وأما المشركون فأعرضوا ولم يعقلوا الأمثال ، قال تعالى : { وما يعقلها إلا العالمون } [ سورة العنكبوت : 43 ] ، فكان جزاؤهم عذاباً عظيماً وهو سوء الحساب الذي عاقبته المصير إلى جهنم . فمعنى { استجابوا لربهم } استجابوا لدعوته بما تضمنه المثل السابق وغيره .

وقوله : { الحسنى } مبتدأ و { للذين استجابوا } خبره . وفي العدول إلى الموصولين وصلتيهما في قوله : { للذين استجابوا } { والذين لم يستجيبوا } إيماء إلى أن الصلتين سببان لما حصل للفريقين .

وتقديم المسند في قوله : { للذين استجابوا لربهم الحسنى } لأنه الأهم لأن الغرض التنويه بشأن الذين استجابوا مع جعل الحسنى في مرتبة المسند إليه ، وفي ذلك تنويه بها أيضاً .

وأما الخبر عن وعيد الذين لم يستجيبوا فقد أجري على أصل نظم الكلام في التقديم والتأخير لقلة الاكتراث بهم . وتقدم نظير قوله : { لو أن لهم ما في الأرض جميعاً } في سورة العقود ( 36 ) .

وأتي باسم الإشارة في أولئك لهم سوء الحساب } للتنبيه على أنهم أحرياء بما بعد اسم الإشارة من الخبر بسبب ما قبل اسم الإشارة من الصلة .

و { سوء الحساب } ما يحف بالحساب من إغلاظ وإهانة للمحساب . وأما أصل الحساب فهو حسن لأنه عدل .