فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (18)

{ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ( 18 ) } .

ثم بين سبحانه من ضرب له مثل الحق ومثل الباطل من عباده ، فقال : فيمن ضرب له مثل الحق { لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ } خبر مقدم ، أي أجابوا دعوته إذ دعاهم إلى توحيده وتصديق أنبيائه والعمل بشرائعه .

{ الْحُسْنَى } مبتدأ مؤخر ، أي المثوبة الحسنى وهي الجنة ، وبه قال جمهور المفسرين ، وقيل الحسنى هي المنفعة العظمى الخالصة الخالية عن شوائب المضرة والانقطاع والأول أولى . وهو قول ابن عباس . وقال سبحانه فيمن ضرب له مثل الباطل :

{ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ } أي لدعوته إلى ما دعاهم إليه وهم الكفار الذين استمروا على كفرهم وشركهم وما كانوا عليه ، والموصول مبتدأ أخبر عنه بثلاثة أخبار ، الأول الجملة الشرطية وهي { لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا } من أصناف الأموال التي يتملكها العباد ويجمعونها بحيث لا يخرج عن ملكهم منها شيء { وَمِثْلَهُ مَعَهُ } أي مثل ما في الأرض جميعا كائنا معه ومنضما إليه { لاَفْتَدَوْاْ بِهِ } أي بمجموع ما ذكر وهو ما في الأرض ومثله ، والمعنى ليخلصوا به مما هم فيه من العذاب الكبير والهول العظيم ، ثم بين سبحانه ما أعد لهم فقال :

{ أُوْلَئِكَ } يعني الذين لم يستجيبوا وهو خبر ثان للموصول { لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ } من إضافة الصفة للموصوف أي الحساب السيئ ، وهو أن يحاسب الرجل بذنبه ولا يغفر له منه شيء .

قال الزجاج : لأن كفرهم أحبط أعمالهم ، وقال غيره هو المناقشة فيه ، وفي الحديث ( من نوقش الحساب عذب ) {[998]} { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } أي مرجعهم إليها { وَبِئْسَ الْمِهَادُ } أي المستقر الذي يستقرون فيه أو الفراش الذي يفرش لهم في جهنم ، والمخصوص بالذم محذوف وهو خبر ثالث للموصول المتقدم .


[998]:صحيح الجامع الصغير / 6454.