تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (18)

وقوله تعالى : ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ ) أي أجابوا ربهم في ما دعاهم إليه . وإنما دعاهم إلى السبب الذي يوجب لهم دار السلام وهي الجنة لقوله : ( والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )[ يونس : 25 ] دعاهم إلى دار السلام ، ومكن لهم من الإجابة له والرد . فمن أجابه في ما دعاه كان له دار السلام والحسنى الذي ذكر .

ومن رد دعاءه كان له النار ودار الهوان . فأيهما اختار [ فله ][ ساقطة من الأصل وم ] الموعود الذي وعد ؛ إن اختار إجابته [ إلى ][ ساقطة من الأصل وم ] ما دعاه فله النعيم الدائم الذي وعد ودار[ الواو ساقطة من الأصل وم ] السلام ، وإن اختار الرد وترك إجابة فله ما وعد من العذاب الدائم والهوان .

والأمثال التي ذكر أنها ( للذين استجابوا لربهم الحسنى ) هي[ في الأصل وم : هو ] هكذا للمؤمنين ، لأنهم هم المنتفعون بها .

وكذلك ما ذكر من القرآن ( وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين )[ النمل : 77 ] وأما على أهل الكفر فهو عمى وضلال ، وكذلك قوله : ( ويشفي صدور قوم مؤمنين )[ التوبة : 14 ] وأما قلوب الكفرة ( فزادتهم رجسا إلى رجسهم )[ التوبة : 125 ] وقوله[ في الأصل وم : و ] ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا )[ البقرة : 10 ] وأمثاله .

وقوله تعالى : ( لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) أي ضعفه معه ( لافْتَدَوْا بِهِ ) يذكر هذا ، والله أعلم : أن الذي[ في الأصل وم : الذين ] كان يمنعهم عن الإجابة إلى ما دعاهم إليه رغبتهم في الدنيا وميلهم إليها ، يتمنون بما يحل فيهم من العذاب والشدائد أن يكون لهم ما في الأرض جميعا أن يفتدوا به .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ ) أي[ من م ، في الأصل : أو ] يحاسبون حسابا يسوؤهم لأن حسناتهم التي عملوه وطمعوا بالانتفاع بها لم تنفعهم ، بل صارت كالسراب الذي ( يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا )[ النور : 39 ] ولم يتجاوز عن سيئاتهم ( ومأواهم جهنم وبئس المهاد ) الذي يأوون إليه ، هو ( جهنم وبئس المهاد ) لم يسوؤهم ذلك .