معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ} (35)

قوله تعالى : { مثل الجنة التي وعد المتقون } أي : صفة الجنة ، كقوله تعالى : { ولله المثل الأعلى } [ النحل-60 ] أي : الصفة العليا ، { تجري من تحتها الأنهار } ، أي : صفة الجنة التي وعد المتقون أن الأنهار تجري من تحتها . وقيل : مثل صلة مجازها { الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار } . { أكلها دائم } أي : لا ينقطع ثمرها ونعيمها ، { وظلها } ، أي : ظلها ظليل ، لا يزول ، وهو رد على الجهمية حيث قالوا إن نعيم الجنة يفني . { تلك عقبى } أي : عاقبة { الذين اتقوا } يعني : الجنة ، { وعقبى الكافرين النار } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ} (35)

{ مثل الجنة التي وُعد المتقون } صفتها التي هي مثل في الغرابة ، وهو مبتدأ خبر محذوف عند سيبويه أي فيما قصصنا عليكم مثل الجنة وقيل خبره . { تجري من تحتها الأنهار } على طريقة قولك صفة زيد أسمر ، أو على حذف موصوف أي مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار ، أو على زيادة المثل وهو على قول سيبويه حال من العائد أو المحذوف أو من الصلة . { أُكلها دائم } لا ينقطع ثمرها . { وظلّها } أي وظلها وكذلك لا ينسخ في الدنيا بالشمس { تلك } أي الجنة الموصوفة . { عقبى الذين اتقوا } مآلهم ومنتهى أمرهم . { وعقبى الكافرين النار } لا غير ، وفي ترتيب النظمين إطماع للمتقين وإقناط للكافرين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ} (35)

استئناف ابتدائي يرتبط بقوله : { الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم } [ سورة الرعد : 29 ] . ذُكر هنا بمناسبة ذكر ضدّه في قوله : { ولعذاب الآخرة أشق } [ الرعد : 34 ] .

والمثَل : هنا الصفة العجيبة ، قيل : هو حقيقة من معاني المثل ، كقوله تعالى : { ولله المثَل الأعلى } [ النحل : 60 ] ، وقيل : هو مستعار من المثَل الذي هو الشبيه في حالة عجيبة أطلق على الحالة العجيبة غير الشبيهة لأنها جديرة بالتشبيه بها .

وجملة { تجري من تحتها الأنهار } خبر عن { مَثَل } باعتبار أنها من أحوال المضاف إليه ، فهي من أحوال المضاف لشدة الملابسة بين المتضايفين ، كما يقال : صفة زيد أسمر .

وجملة { أكلها دائم } خبر ثان ، والأكل بالضم : المأكول ، وتقدم .

ودوام الظل كناية عن التفاف الأشجار بحيث لا فراغ بينها تنفذ منه الشمس ، كما قال تعالى : { وجنات ألفافاً } [ سورة النبأ : 16 ] ، وذلك من محامد الجنات وملاذّها .

وجملة { تلك عقبى الذين اتقوا } مستأنفة .

والإشارة إلى الجنة بصفاتها بحيث صارت كالمشاهدة ، والمعنى : تلك هي التي سمعتم أنها عقبى الدار للذين يوفون بعهد الله إلى قوله : { ويدرأون بالحسنة السيّئة إلى قوله فنعم عقبى الدار } [ سورة الرعد : 24 ] هي الجنة التي وعد المتّقون . وقد علم أن الذين اتقوا هم المؤمنون الصالحون كما تقدم . وأول مراتب التقوى الإيمان . وجملة { وعقبى الكافرين النار } مستأنفة للمناسبة بالمضادة . وهي كالبيان لِجملة { ولهم سوء الدار } .