التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{۞مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ} (35)

قوله تعالى { مثل الجنة التي وُعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلّها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار }

قال ابن كثير : ذكر تعالى عقاب الكفار وثواب الأبرار ، فقال بعد إخباره عن حال المشركين وما هم عليه من الكفر والشرك { لهم عذاب في الحياة الدنيا } أي بأيدي المؤمنين قتلا وأسرا ، { ولعذاب الآخرة } أي المدخر مع هذا الخزي في الدنيا { أشق } أي من هذا بكثير ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين : " إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة " وهو كما قال صلوات الله وسلامه عليه ، فإن عذاب الدنيا له انقضاء ، وذاك دائم أبدا في نار هي بالنسبة إلى هذه سبعون ضعفا ، ووثاق لا يتصور كثافته وشدته ، كما قال تعالى { فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد } .

والحديث في صحيح مسلم في كتاب اللعان وانظر سورة طه آية ( 127 ) وتفسيرها .

قوله تعالى { أكلها دائم وظلها }

قال البخاري : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " خَسَفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلّى . قالوا : يا رسول الله رأيناك تناول شيئا في مقامك ، ثم رأيناك تكعكعت . قال : إني أُريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا " .

( صحيح البخاري2/271-ك الأذان ، ب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة ح/748 ) . وأخرجه مسلم { 2/626-ك الكسوف ، ب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف . . ح/907 بأطول منه ) .

قال مسلم : وحدثني الحسن بن علي الحلواني وحجاج بن الشاعر ، كلاهما عن أبي عاصم قال حسن : حدثنا أبو عاصم عن بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يبولون ولكن طعامهم ذاك جشاء كرشح المسك يلهمون التسبيح والحمد ، كما يلهمون النفس " .

قال : وفي حديث حجاج " طعامهم ذلك " .

( الصحيح4/2181-بعد رقم2835-ك الجنة وصفة نعيمها ، ب في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم ) .

قال ابن كثير : وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين صفة الجنة وصفة النار ليرغب في الجنة ويحذر من النار ، ولهذا لما ذكر صفة الجنة بما ذكر قال بعده : { تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار } . كما قال تعالى : { لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون } .