تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ} (35)

وقوله تعالى : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) يحتمل وصف الجنة التي وعد المتقون ، أو صفة الجنة التي وعد المتقون ، ويحتمل الجنة ( التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ) الآية[ محمد : 15 ] يقول ، والله أعلم : كشبه النار التي وعد الكافرون ، أي ليسا بشبيهين ولا مثيلين ، لا تكون هذه مثل هذه ، ولا شبيهتها [ في الأصل وم : شبيهها ] كقوله : ( التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ) الآية [ محمد : 15 ] يقول ، والله أعلم : الذي وصفه كذا من النعم الدائمة كالذي يكون عذابه ووصفه كذا ؟ أي لا يكون ، فعلى ذلك الأول .

وقوله تعالى : ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ ) أي ثمارها دائمة ، لا تزول ، ولا تنقطع ، ليس كثمار الدنيا ، إلا وهي تزول ، وتنقطع في وقت . فأخبر أن ثمار الآخرة ، وما فيها من النعم ، دائمة باقية غير زائلة ولا منقطعة وكذلك عذابها دائم ، لا يزول ( وظلها ) أيضا .

أخبر أن ظل الجنة لا يزول ولا ينقطع ، لا يكون فيها شمس ، يزول ظلها بزوالها ، وصف جميع ما فيها بالدوام والمنفعة ؛ الظل شيء لا أذى فيه ، وفيه منافع ، والشمس فيها أذى ومنافع ، وكذلك جميع ما يكون من الأشياء في الدنيا ، يكون [ فيها منافع ومضار ، وإنها ][ في الأصل وم : من الأشياء فيها منافع ومضار إنها ] تزول ، وتنقطع . فأخبر أن ظل الآخرة ، وما فيها من النعم دائمة باقية غير زائلة ولا منقطعة ، ولا مضرة فيها ، ليس كنعيم الدنيا وظلها ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ) ظاهر[ أدرج قبلها في الأصل وم : أي جزاء الكافرين النار ] هذا أن تكون [ عقبى ][ ساقطة من الأصل وم ] الذين اتقوا الشرك لأنه ذكر ( وعقبى الكافرين النار ) أي جزاء وعقبى ما ذكرنا ، أي تلك الجنة جزاء الذين اتقوا الشرك ، ( وعقبى الكافرين النار ) أي جزاؤهم [ في الأرص وم : جزاء ، في م : جزاؤه ] النار ، أو عقبى [ هؤلاء الذين ][ في الأصل وم : هذه للذين ] اتقوا [ الشرك ][ ساقطة من الأصل وم ] الجنة ، وعقبى أولئك النار .

وقال بعضهم : ( تلك عقبى الذين اتقوا ) أي عاقبة أعمالهم وحسناتهم الجنة ، وعاقبة أعمال الذين كفروا بتوحيد الله النار .