معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا} (47)

قوله تعالى : { ويوم نسير الجبال } ، قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو وابن عامر : ( سير ) بالتاء وفتح الياء الجبال رفع ، دليله : قوله تعالى : { وإذا الجبال سيرت } [ التكوير – 3 ] . وقرأ الآخرون بالنون وكسر الياء ، الجبال نصب ، وتسيير الجبال : نقلها من مكان إلى مكان . { وترى الأرض بارزةً } أي : ظاهرة ليس عليها شجر ، ولا جبل ، ولا نبات ، كما قال : { فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا } [ طه – 107 ] . قال عطاء : هو بروز ما في باطنها من الموتى وغيرهم ، فترى باطن الأرض ظاهراً . { وحشرناهم } جميعاً إلى الموقف والحساب { فلم نغادر منهم } أي : نترك منهم { حداً } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا} (47)

يخبر تعالى عن أهوال يوم القيامة ، وما يكون فيه من الأمور العظام ، كما قال تعالى : { يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا } [ الطور : 9 ، 10 ] أي : تذهب من أماكنها وتزول ، كما قال تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } [ النمل : 88 ] ، وقال تعالى : { وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ } [ القارعة : 5 ] وقال : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا } [ طه : 105 - 107 ] يقول تعالى : إنه تذهب الجبال ، وتتساوى المهاد ، وتبقى الأرض { قَاعًا صَفْصَفًا } أي : سطحًا مستويًا لا عوج فيه { وَلا أَمْتًا } أي : لا وادي ولا جَبَل ؛ ولهذا قال تعالى : { وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً } [ أي : بادية ظاهرة ، ليس فيها مَعْلَم لأحد ولا مكان يواري أحدًا ، بل الخلق كلهم ضاحون لربهم لا تخفى عليه منهم خافية .

قال مجاهد ، وقتادة : { وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً } ]{[18234]} لا خَمَرَ فيها ولا غَيَابة . قال قتادة : لا بناءَ ولا شَجَر .

وقوله : { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا } أي : وجمعناهم ، الأولين منهم والآخرين ، فلم نترك منهم أحدًا ، لا صغيرًا ولا كبيرًا ، كما قال : { قُلْ إِنَّ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } [ الواقعة : 50 ، 49 ] ، وقال : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } [ هود : 103 ] ،


[18234]:زيادة من ف.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا} (47)

{ ويوم نسيّر الجبال } واذكر يوم نقلعها ونسيرها في الجو ، أو نذهب بها فنجعلها هباء منبثا . ويجوز عطفه على { عند ربك } أي الباقيات الصالحات خير عند الله ويوم القيامة . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر تسير بالتاء والبناء للمفعول وقرئ " تسير " من سارت . { وترى الأرض بارزة } بادية برزت من تحت الجبال ليس عليها ما يسترها ، وقرئ " وترى " على بناء المفعول . { وحشرناهم } وجمعناهم إلى الموقف ، ومجيئه ماضيا بعد { نسير } { وترى } لتحقق الحشر أو للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير ليعاينوا ويشاهدوا ما وعد لهم ، وعلى هذا تكون الواو للحال بإضمار قد . { فلم نغادر } فلم نترك . { منهم أحدا } يقال غادره وأغدره إذا تركه ومنه الغدر لترك الوفاء والغدير لما غادره السيل ، وقرئ بالياء .