غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا} (47)

47

التفسير : لما بين خساسة الدنيا وشرف الآخرة أردفه بأحوال يوم القيامة وأهواله ، وفيه رد على أغنياء المشركين الذين افتخروا بكثرة الأموال والأولاد على فقراء المسلمين والتقدير : واذكر يوم كذا عطفاً على وأضرب . ويجوز أن ينتصب بالقول المضمر قبل { ولقد جئتمونا } وفاعل التسيير هو الله تعالى إلا أنه سمي على إحدى القراءتين ولم يسم في الأخرى ، فتسييرها إما إلى العدم لقوله : { ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً } [ طه : 105 ] ، { وبست الجبال بساً ، فكانت هباء منبثاً }

[ الواقعة : 5 ، 6 ] وإما إلى موضع لا يعلمه إلا الله { وترى الأرض بارزة } لأنه لا يبقى على وجهها شيء يسترها من العمارات ولا من الجبال والأشجار ، وإما لأنها أبرزت ما في بطنها من الأموات لقوله : { وألقت ما فيها وتخلت } [ الانشقاق : 4 ] فيكون الإسناد مجازياً أي بارزاً ما في جوفها { وحشرناهم } الضمير للخلائق المعلوم حكماً { فلم نغادر منهم أحداً } من الأوّلين والآخرين . يقال : غادره وأغدره إذا تركه والترك غير لائق ومنه الغدر ترك الوفاء . والغدير ما غادره السيل لأن اللائق بحال السيل أن يذهب بالماء كله . ولا يخفى أن اللائق بحال رب العزة أن لا يترك أحداً من خلقه غير محشور وإلا كان قدحاً في عمله وحكمته وقدرته .

/خ59