معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا} (100)

قوله تعالى : { قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي } أي : نعمة ربي . وقيل : رزق ربي ، { إذاً لأمسكتم } ، لبخلتم وحبستم ، { خشية الإنفاق } أي : خشية الفاقة ، قاله قتادة . وقيل : خشية النفاد ، يقال : أنفق الرجل أي أملق وذهب ماله ونفق الشيء ، أي : ذهب . وقيل : لأمسكتم عن الإنفاق خشية الفقر . { وكان الإنسان قتوراً } أي : بخيلاً ممسكاً عن الإنفاق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا} (100)

73

على أن أولئك الذين يقترحون على الرسول [ ص ] تلك المقترحات المتعنتة ، من بيوت الزخرف ، وجنات النخيل والأعناب ، والينابيع المتفجرة . . بخلاء أشحاء حتى لو أن رحمة الله قد وكلت إليهم خزائنها لأمسكوا وبخلوا خوفا من نفادها ، ورحمة الله لا تنفد ولا تغيض :

( قل : لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ) .

وهي صورة بالغة للشح ، فإن رحمة الله وسعت كل شيء ، ولا يخشى نفادها ولا نقصها . ولكن نفوسهم لشحيحة تمنع هذه الرحمة وتبخل بها لو أنهم كانوا هم خزنتها !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا} (100)

{ قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي } خزائن رزقه وسائر نعمه ، وأنتم مرفوع بفعل يفسره ما بعده كقول حاتم : لو ذات سوار لطمتني . وفائدة هذا الحذف والتفسير المبالغة مع الإيجاز والدلالة على الاختصاص . { إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق } لبخلتم مخافة النفاد بالإنفاق إذ لا أحد إلا ويختار النفع لنفسه ولو آثر غيره بشيء فإنما يؤثره لعوض يفوقه فهو إذن بخيل بالإضافة إلى جود الله تعالى وكرمه هذا وإن البخلاء أغلب فيهم . { وكان الإنسان قتوراً } بخيلا لأن بناء أمره على الحاجة والضنة بما يحتاج إليه وملاحظة العوض فيما يبذله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا} (100)

وقوله تعالى : { قل لو أنتم تملكون } الآية حكم لو أن يليها الفعل إما مظهراً وإما مضمراً يفسره الظاهر بعد ذلك ، فالتقدير هنا ، قل لو تملكون خزائن ، ف { أنتم } رفع على تبع الضمير{[7717]} ، و «الرحمة » في هذه الآية المال والنعم التي تصرف في الأرزاق ، ومن هذا سميت { رحمة } ، و { الإنفاق } المعروف ذهاب المال وهو مؤد إلى الفقر ، فكأن المعنى خشية عاقبة الإنفاق ، وقال بعض اللغويين أنفق الرجل معناه افتقر كما تقول أترب وأقتر ، وقوله { وكان الإنسان فتوراً } أي ممسكاً ، يريد أن في طبعه ومنتهى نظره أن الأشياء تتناهى وتفنى ، فهو لو ملك خزائن رحمة الله لأمسك خشية الفقر ، وكذلك يظن أن قدرة الله تعالى تقف دون البعث ، والأمر ليس كذلك ، بل قدرته لا تتناهى ، فهو مخترع من الخلق ما يشاء ، ويخترع من الرحمة الأرزاق ، فلا يخاف نفاد خزائن رحمته ، وبهذا النظر تتلبس هذه الآية بما قبلها ، والله ولي التوفيق برحمته ، ومن الإقتار قول أبي داود : [ الخفيف ]

لا أعد الإقتار عدماً ولكن . . . فقد من قد رزئته الإعدام{[7718]}


[7717]:يتفق ابن عطية في هذا مع الزمخشري، وأبي البقاء، والحوفي. لكن هذا يخالف مذهب البصريين، قال ابن عصفور: "لا يلي (لو) إلا الفعل ظاهرا، ولا بليها مضمرا إلا ضرورة أو نادر كلام، مثل ما جاء في المثل من قولهم: (لو ذات سوار لطمتني). وقال ابن الصائغ: "البصريون يصرحون بامتناع (لو زيد قام لأكرمته) على الفصيح، ويجيزونه شاذا، كقولهم: (لو ذات سوار لطمتني)، وهو عندهم على فعل مضمر، وهو من باب الاشتغال، كقوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره}. وخرجه أبو الحسن علي بن فضال المجاشعي على إضمار (كان)، والتقدير: "قل لو كنتم أنتم تملكون"، على خلاف في حذف (كان) وحدها، أو حذفها مع الضمير (كنتم). ويميل أبو حيان إلى حذف (كان) وانفصال الضمير المرفوع، وقال: إن حذف (كان) بعد (لو) معهود في لسان العرب.
[7718]:أبو دواد (بواو غير مهموزة، بعدها ألف ، وقد همزت في كثير من الكتب مثل الشعر والشعراء). واسمه جارية بن الحجاج، وقيل: حنظلة بن الشرفي، والأول أصح. والبيت من قصيدة مشهورة، هي الأصمعية (65) ، ومنها مختارات في الشعر والشعراء، والإقتار: قلة المال وضيق العيش، وهو الشاهد هنا، والعدم والإعدام: الفقر.يقول: لا أعتبر قلة المال فقرا، إنما الفقر الحقيقي هو فقد الكرام من الرجال. قيل للحطيئة: من أشعر الناس؟ قال الذي يقول: (لا أعد الإقتار عدما .... البيت). ثم يصف الشاعر هؤلاء الرجال بالشجاعة والسماحة ورجاحة العقول، إلى أن يقول: فعلى إثرهم تساقط نفســــــي حسرات وذكرهم لي سقــــــام