فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا} (100)

{ لَوْ } حقها أن تدخل على الأفعال دون الأسماء ، فلا بد من فعل بعدها في { لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ } وتقديره لو تملكون تملكون ، فأضمر تملك إضماراً على شريطة التفسير ، وأبدل من الضمير المتصل الذي هو الواو ضمير منفصل ، وهو أنتم ، لسقوط ما يتصل به من اللفظ ، فأنتم : فاعل الفعل المضمر ، وتملكون : تفسيره ! وهذا هو الوجه الذي يقتضيه علم الإعراب . فأمّا ما يقتضيه علم البيان ، فهو : أنّ أنتم تملكون فيه دلالة على الاختصاص ؛ وأنّ الناس هم المختصون بالشح المتبالغ ونحوه قول حاتم :

لَوْ ذَاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي ***

وقول المتلمس :

وَلَوْ غَيْرُ أَخْوَالِي أرَادُوا نَقِيصَتِي ***

وذلك لأنّ الفعل الأول لما سقط لأجل المفسر ، برز الكلام في صورة المبتدأ والخبر . ورحمة الله : رزقه وسائر نعمه على خلقه ، ولقد بلغ هذا الوصف بالشح الغاية التي لا يبلغها الوهم . وقيل : هو لأهل مكة الذين اقترحوا ما اقترحوا من الينبوع والأنهار وغيرها ، وأنهم لو ملكوا ، خزائن الأرزاق لبخلوا بها { قَتُورًا } ضيقاً بخيلاً . فإن قلت : هل يقدر { لأمْسَكْتُمْ } مفعول ؟ قلت : لا ؛ لأن معناه : لبخلتم ، من قولك للبخيل ممسك .