فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا} (100)

بيّن الله سبحانه أنهم لا يقنعون ، بل يبقون على بخلهم وشحهم فقال : { قُل لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبّي } : { أنتم } مرتفع على أنه فاعل فعل محذوف يفسره ما بعده ، أي : لو تملكون أنتم تملكون على أن الضمير المنفصل مبدل من الضمير المتصل وهو الواو ، وخزائن رحمته سبحانه : هي خزائن الأرزاق . قال الزجاج : أعلمهم الله أنهم لو ملكوا خزائن الأرزاق لأمسكوا شحاً وبخلاً ، وهو خشية الإنفاق ، أي : خشية أن ينفقوا فيفتقروا ، وفي حذف الفعل الذي ارتفع به أنتم ، وإيراد الكلام في صورة المبتدأ والخبر دلالة على أنهم هم المختصون بالشحّ . قال أهل اللغة : أنفق وأصرم وأعدم وأقتر بمعنى : قلّ ماله ، فيكون المعنى : لأمسكتم خشية قلّ المال { وَكَانَ الإنسان قَتُورًا } أي : بخيلاً مضيقاً عليه . يقال : قتر على عياله يقتر ويقتر قتراً وقتوراً : ضيق عليهم في النفقة ، ويجوز أن يراد : وكان الإنسان قتوراً أي : قليل المال ، والظاهر : أن المراد : المبالغة في وصفه بالشح ، لأن الإنسان ليس بقليل المال على العموم . بل بعضهم كثير المال ، إلاّ أن يراد أن جميع النوع الإنساني قليل المال بالنسبة إلى خزائن الله وما عنده . وقد اختلف في هذه الآية على قولين : أحدهما أنها نزلت في المشركين خاصة ، وبه قال الحسن ، والثاني : أنها عامة وهو قول الجمهور ، حكاه الماوردي .

/خ100