معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

قوله تعالى : { قال رجلان من الذين يخافون } ، أي : يخافون الله تعالى ، قرأ سعيد بن جبير : يخافون ، بضم الياء ، وقال : الرجلان كانا من الجبارين فأسلما ، واتبعا موسى . قوله تعالى : { أنعم الله عليهما } . بالتوفيق والعصمة .

قوله تعالى : { ادخلوا عليهم الباب } يعني قرية الجبارين .

قوله تعالى : { فإذا دخلتموه فإنكم غالبون } ، لأن الله تعالى منجز وعده ، وإنا رأيناهم فكانت أجسامهم عظيمة ، وقلوبهم ضعيفة ، فلا تخشوهم .

قوله تعالى : { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } ، فأراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة ، وعصوهما .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما : ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون . وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) .

هنا تبرز قيمة الإيمان بالله ، والخوف منه . . فهذان رجلان من الذين يخافون الله ، ينشيء لهما الخوف من الله استهانة بالجبارين ! ويرزقهما شجاعة في وجه الخطر الموهوم ! وهذان هما يشهدان بقولتهما هذه بقيمة الإيمان في ساعة الشدة ؛ وقيمة الخوف من الله في مواطن الخوف من الناس . فالله سبحانه لا يجمع في قلب واحد بين مخافتين : مخافته - جل جلاله - ومخافة الناس . . والذي يخاف الله لا يخاف أحدا بعده ؛ ولا يخاف شيئا سواه . .

( ادخلوا عليهم الباب . فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ) . .

قاعدة في علم القلوب وفي علم الحروب . . أقدموا واقتحموا . فمتى دخلتم على القوم في عقر دارهم انكسرت قلوبهم بقدر ما تقوى قلوبكم ؛ وشعروا بالهزيمة في أرواحهم وكتب لكم الغلب عليهم . .

( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) . .

فعلى الله - وحده - يتوكل المؤمن . وهذه هي خاصية الإيمان وعلامته ؛ وهذا هو منطق الإيمان ومقتضاه . . ولكن لمن يقولان هذا الكلام ؟ لبني إسرائيل ؟ !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

وقوله : { قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا } أي : فلما نكل بنو إسرائيل عن طاعة الله ومتابعة رسول الله موسى ، عليه السلام ، حرضهم رجلان لله عليهما نعمة عظيمة ، وهما ممن يخاف أمر الله ويخشى عقابه .

وقرأ بعضهم : { قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يُخَافُونَ } أي : ممن لهم{[9537]} مهابة وموضع من الناس . ويقال : إنهما " يوشع بن نون " و " كالب بن يوفنا " ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطية ، والسُّدِّي ، والربيع بن أنس ، وغير واحد من السلف ، والخلف ، رحمهم الله ، فقالا { ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } أي : متى توكلتم على الله واتبعتم أمره ، ووافقتم رسوله ، نصركم الله على أعدائكم وأيدكم وظفركم بهم ، ودخلتم البلدة التي كتبها الله لكم . فلم ينفع ذاك فيهم شيئًا .


[9537]:في ر: "لهما".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

قرأ ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد «يُخافون » بضم الياء ، وقرأ الجمهور «يَخافون » بفتح الياء ، وقال أكثر المفسرين : الرجلان يوشع بن نوف وهو ابن أخت موسى وكالب بن يوفنا ، ويقال فيه كلاب ، ويقال كالوث بثاء مثلثة ويقال في اسم أبيه يوفيا ، وهو صهر «موسى » على أخته ، قال الطبري : اسم زوجته مريم بنت عمران ، ومعنى { يخافون } أي الله ، وأنعم عليهما بالإيمان الصحيح وربط الجأش والثبوت في الحق ، وقال قوم المعنى يخافون العدو لكن { أنعم الله عليهما } بالإيمان والثبوت مع خوفهما ، ويقوي التأويل الأول أن في قراءة ابن مسعود : «قال رجلان من الذين يخافون الله أنعم عليهما » . وأما من قرأ بضم الياء فلقراءته ثلاثة معان ، أحدها ما روي من أن الرجلين كانا من الجبارين آمنا بموسى واتبعاه ، فكانا من القوم الذين يخافون لكن { أنعم الله عليهما } بالإيمان بموسى فقالا نحن أعلم بقومنا ، والمعنى الثاني أنهما يوشع وكالوث لكنهما من الذين يوقرون ويسمع كلامهم ويهابون لتقواهم وفضلهم ، فهم «يخافون » بهذا الوجه . والمعنى الثالث أن يكون الفعل من أخاف والمعنى من الذين ُيخافون بأوامر الله ونواهيه ووعيده وزجره ، فيكون ذلك مدحاً لهم على نحو المدح في قوله تعالى : { أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى }{[4504]} وقوله تعالى : { أنعم الله عليهما } صفة للرجلين ، والباب هو باب مدينة الجبارين فيما ذكر المفسرون والمعنى اجتهدوا وكافحوا حتى تدخلوا الباب ، وقوله : { فإنكم غالبون } ظن منهما ورجاء وقياس إنكم بذلك تفتون في أعضادهم ويقع الرعب في قلوبهم فتغلبونهم ، وفي قراءة ابن مسعود «عليهما ويلكم ادخلوا » وقولهما : { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } يقتضي أنهما استرابا بإيمانهم حين رأياهم يعصون الرسول ويجبنون مع وعد الله تعالى لهم بالنصر .


[4504]:- من الآية رقم (3) من سورة (الحجرات).