الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أمر موسى أن يدخل مدينة الجبارين ، فسار بمن معه حتى نزل قريباً من المدينة وهي أريحاء ، فبعث إليهم اثني عشر نقيباً من كل سبط منهم عين فيأتوه بخبر القوم فدخلوا المدينة فرأوا أمراً عظيماً من هيبتهم وجسمهم وعظمهم ، فدخلوا حائطاً لبعضهم ، فجاء صاحب الحائط ليجني من حائطه ، فجعل يحش الثمار ، فنظر إلى آثارهم فتبعهم ، فكلما أصاب واحداً منهم أخذه فجعله في كمه مع الفاكهة وذهب إلى ملكهم فنثرهم بين يديه ، فقال الملك : قد رأيتم شأننا وأمرنا اذهبوا فأخبروا صاحبكم . قال : فرجعوا إلى موسى فأخبروه بما عاينوا من أمرهم . فقال : اكتموا عنا ، فجعل الرجل يخبر أباه وصديقه ويقول : اكتم عني فأشيع ذلك في عسكرهم ، ولم يكتم منهم إلا رجلان يوشع بن نون ، وكالب بن يوحنا ، وهم اللذان أنزل الله فيهما { قال رجلان من الذين يخافون } .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { ادخلوا الأرض المقدسة } قال : هي مدينة الجبارين ، لما نزل بها موسى وقومه بعث منهم اثني عشر رجلاً ، وهم النقباء الذين ذكرهم الله تعالى ليأتوهم بخبرهم ، فساروا فلقيهم رجل من الجبارين فجعلهم في كساءته ، فحملهم حتى أتى بهم المدينة ونادى في قومه : فاجتمعوا إليه فقالوا : من أنتم ؟ قالوا : نحن قوم موسى بعثنا لنأتيه بخبركم ، فأعطوهم حبة من عنب تكفي الرجل ، وقالوا لهم : اذهبوا إلى موسى وقومه فقولوا لهم : أقدروا قدر فاكهتهم ، فلما أتوهم قالوا : يا موسى { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون } [ المائدة : 24 ] { فقال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما } وكانا من أهل المدينة أسلما واتبعا موسى ، فقالا لموسى { ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون } .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { قال رجلان } قال : يوشع بن نون وكالب .

وأخرج عبد بن حميد عن عطية العوفي في قوله { قال رجلان } قال : كالب ويوشع بن النون فتى موسى .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { من الذين يخافون أنعم الله عليهما } قال : في بعض القراءة { يخافون أنعم الله عليهما } .

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير . أنه كان يقرأها بضم الياء { يخافون } .

وأخرج ابن منذر عن سعيد بن جبير قال : كانا من العدو ، فصارا مع موسى .

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس { قال رجلان من الذين يخافون } برفع الياء .

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ { من الذين يخافون } بنصب الياء في يخافون .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك { قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما } بالهدى فهداهما فكانا على دين موسى ، وكانا في مدينة الجبارين .

وأخرج ابن جرير عن سهل بن علي { قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما } بالخوف .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله { قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما } قال : هم النقباء . وفي قوله { ادخلوا عليهم الباب } قال : هي قرية الجبارين .