تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

وقوله تعالى : { قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون } اختلف في الرجلين اللذين قالا ذلك لهم ؛ [ قال ] قائلون : كان ذلك الرجلان من أولئك الذين بعثهم موسى عليه الصلاة والسلام ، إلى أهل تلك الأرض وأمرهم بالدخول فيها ، وهما ممن قد { أنعم الله عليهما } من تصديق ما وعد لهم موسى من الفتح والنصرة ، فقالا : { فإذا دخلتموه فإنكم غالبون } صدقا موسى بما وعد لهم من الفتح ، وقال قائلون : كان ذلك الرجلان اللذان قالا ذلك هما /127-أن أهل تلك الأرض ؛ لأنهم إذا سمعوا أن موسى قصد نحوهم خافوا من ذلك . فذلك معنى قوله : { من الذين يخافون أنعم الله عليهما } من الإسلام ، فقالا : { ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون } لما علموا من خوف أهلها من موسى ومن معه وفزعهم .

وقوله تعالى : { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } أي مصدقين بوعد موسى بالفتح لكم والنصر . ويحتمل { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } فإن كل من توكل على الله ، ووثق [ به ] نصره الله ، وجعله غالبا على عدوه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ادخلوا عليهم الباب } كأن المراد من الباب ليس نفس الباب ولكن جهة من الجهات التي يكون الدخول عليهم من تلك الجهة أوفق وأهون ؛ كأنه قال { ادخلوا عليهم } جهة كذا ، والله أعلم .