فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

{ قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ( 23 ) }

{ قال رجلان } هما يوشع بن نون وكالب بن يوفنا أو ابن فانيا وكان من الإثني عشر نقيبا كما مر بيان ذلك { من الذين يخافون } من الله عز وجل ويراقبونه ، وقيل من الجبارين أي هذان الرجلان من جملة القوم الذين يخافون من الجبارين ، وقيل من الذين يخافون ضعف بني إسرائيل وجبنهم ، وقيل إن الواو في يخافون لبني إسرائيل أي من الذين يخافهم بنو إسرائيل وقرئ يخافون بضم الياء أي يخافهم غيرهم .

{ أنعم الله عليهما } صفة ثانية لرجلان أي أنعم عليهما بالإيمان واليقين بحصول ما وعدوا به من النصر والظفر ، وقيل أنعم عليهما بالعصمة فكتما ما اطلعا عليه من حالهم إلا عن موسى بخلاف بقية النقباء فأفشوه فجبنوا ، وقيل إنها جملة معترضة وهو أيضا ظاهر ، وقيل حال من الضمير في يخافون أو من رجلان .

{ ادخلوا عليهم الباب } أي باب بلد الجبارين وامنعوهم من الخروج إلى الصحراء لئلا يجدوا للحرب مجالا بخلاف ما إذا دخلتم عليهم القرية بغتة فإنهم لا يقدرون فيها على الكر والفر { فإذا أدخلتموه فإنكم غالبون } قالا : هذه المقالة لبني إسرائيل ، والظاهر أنهما قد علما بذلك من خبر موسى أو قالاه ثقة بوعد الله أو كانا قد عرفا أن الجبارين قد ملئت قلوبهم خوفا ورعبا .

{ وعلى الله فتوكلوا } أي ثقوا بالله بعد ترتيب الأسباب ، ولا تعتمدوا عليها فإنها غير مؤثرة والله معكم وناصركم { إن كنتم مؤمنين } إذ الإيمان به يقتضي التوكل عليه وهو قطع العلائق ، وترك التملق للخلائق .