سورة   المائدة
 
الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

قوله تعالى : { قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الذين يَخَافُونَ }[ المائدة :23 ] .

أي : يخافُونَ اللَّه سبحانَهُ ، قال أكْثر المفسِّرين : الرجُلاَن يُوشَعُ بنُ نُونٍ ، وهو ابنُ أخْتِ موسى ، وكَالِبُ بْنُ يُوفَتَّا ، { أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمَا } بالإيمان الصحيحِ ، ورَبْطِ الجَأْشِ ، والثبوتِ .

وقولهم : { فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا . . . } [ المائدة :23 ] ، عبارةٌ تقتضي كفراً ، وقيل : المعنى : ( فاذهب أنْتَ وربك ) يعينُكَ ، وأنَّ الكلام معصية لا كُفْر ، وذكر ابن إسحاق وغيره ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كلَّم النَّاسَ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَقَالَ لَهُمْ : ( أَشِيرُوا عَلَيَّ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُ المِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَسْنَا نَقُولُ ، كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ : { فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هاهنا قاعدون } ، وَلَكِنْ نَقُولُ : اذهب أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بنَحْوِ هذا المعنى .