قوله تعالى : { وترى كل أمة جاثيةً } باركة على الركب ، وهي جلسة المخاصم بين يدي الحاكم ينتظر القضاء من الله . قال سلمان الفارسي : إن في القيامة ساعة هي عشر سنين ، يخر الناس فيها جثاة على ركبهم حتى إبراهيم عليه السلام ينادي ربه : لا أسألك إلا نفسي . { كل أمة تدعى إلى كتابها } الذي فيه أعمالها ، وقرأ يعقوب : { كل أمة } نصب ، ويقال لهم : { اليوم تجزون ما كنتم تعملون* }
ثم وصف تعالى شدة يوم القيامة وهوله ليحذره العباد ويستعد له العباد فقال : { وَتَرَى } أيها الرائي لذلك اليوم { كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } على ركبها خوفا وذعرا وانتظارا لحكم الملك الرحمن .
{ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا } أي : إلى شريعة نبيهم الذي جاءهم من عند الله ، وهل قاموا بها فيحصل لهم الثواب والنجاة ؟ أم ضيعوها فيحصل لهم الخسران ؟ فأمة موسى يدعون إلى شريعة موسى وأمة عيسى كذلك وأمة محمد كذلك ، وهكذا غيرهم كل أمة تدعى إلى شرعها الذي كلفت به ، هذا أحد الاحتمالات في الآية وهو معنى صحيح في نفسه غير مشكوك فيه ، ويحتمل أن المراد بقوله : { كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا } أي : إلى كتاب أعمالها وما سطر عليها من خير وشر وأن كل أحد يجازى بما عمله بنفسه كقوله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا }
وقوله تعالى : { وترى كل أمة جاثية كل أمة } وصف حال القيامة وهولها . والأمة : الجماعة العظيمة من الناس التي قد جمعها معنى أو وصف شامل لها . وقال مجاهد : الأمة : الواحد من الناس ، وهذا قلق في اللغة ، وإن قيل في إبراهيم عليه السلام أمة{[10281]} ، وقالها النبي عليه السلام في قس بن ساعدة{[10282]} فذلك تجوز على جهة التشريف والتشبيه . و : { جاثية } معناه على الركب ، قاله مجاهد والضحاك ، وهي هيئة المذنب الخائف المعظم ، وفي الحديث : «فجثا عمر على ركبتيه »{[10283]} . وقال سلمان : في القيامة ساعة قدر عشر سنين يخر الجميع فيها جثاة على الركب .
وقرأ جمهور الناس : «كلُّ أمة » بالرفع على الابتداء . وقرأ يعقوب الحضرمي : «كلَّ أمة تدعى » بالنصب على البدل من «كل » الأولى ، إذ في «كل » الثانية إيضاح موجب الجثو . وقرأ الأعمش : «وترى كل أمة جاثية تدعى » بإسقاط { كل أمة } الثاني .
واختلف المتأولون في قوله : { إلى كتابها } فقالت فرقة : أراد { إلى كتابها } المنزل عليها فتحاكم إليه هل وافقته أو خالفته .
وقالت فرقة : أراد { إلى كتابها } الذي كتبته الحفظة على كل واحد من الأمة ، فباجتماع ذلك قيل له { كتابها } ، وهنا محذوف يدل عليه الظاهر تقديره : يقال لهم اليوم تجزون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.