وثانيها : قوله : { وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } الظاهر أن الرؤية بصرية فيكون «جاثية » حال{[50726]} قال الليث : الجَثْوُ الجُلُوسُ على الركب كالجِثِيّ بين يَدَي الحَاكِمِ{[50727]} ، وذلك لأنها خائفة والمذنب مُسْتَوْفِزٌ{[50728]} . وقيل : مجتمعة ، ومنه الجُثْوَةُ للقبر لاجتماع الأحجار عليه ، قال ( الشاعر ){[50729]} ( رحمه{[50730]} الله ) :
4446 تَرَى جُثْوَتَيْنِ مِنْ تُرَابٍ عَلَيْهِمَا *** صَفَائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّدِ{[50731]}
قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[50732]} جاثية مجتمعة مرتقبة لما يعمل بها{[50733]} . قال الزمخشري وقرئ : جاذية{[50734]} بالذال المعجمة قال : والجَذْوُ أشد من الجَثْوِ ، لأن الجَاذِي هو الذي يجلس على أطراف أصابعه ، وهو أشد استيفازاً من الجاثِي{[50735]} .
قوله : «كُلُّ أمة » العامة على الرفع بالابتداء ، و«تُدْعَى » خبرها . ويعقوب بالنصب{[50736]} على البدل من «كُلَّ أمَّة » الأولى ، بدل نكرة موصوفة من مثلها .
قوله : إلَى كِتَابِهَا «أي إلى صحائف أعمالها ، فاكتفي باسم الجنس كقوله تعالى بعد ذلك : { فَأَمَّا الذين آمَنُواْ } . قال سلمان الفارسي : إن في القيامة ساعةً هي عشرُ سنين ، يَخِرُّ الناس فيها جثاةً على ركبهم ، حتى إبراهيم ينادي ربه لا أسألك إلا نفسي .
قوله : «الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ » هذه الجملة معمولة لقول مضمر ، التقدير : يقال لهم اليومَ تُجَزونَ و «الْيَوْمَ » معمول لما بعده و «مَا كنْتُمْ » هو المفعول الثاني{[50737]} .
فإن قيل : الجثْو على الركب إنما يليق بالخائف ، والمؤمنون لا خوف عليهم يوم القيامة !
فالجواب : أن الجاثي الآمن قد يشارك المبطل في مثل هذه الحالة ( إلى ){[50738]} أن يظهر كونه محقاً .
فإن قيل : كيف أضيف الكتاب إليهم وإلى الله تعالى ؟
فالجواب : لا منافاة بين الأمرين ، لأنه كتابهم ، بمعنى أنه الكتاب المشتمل على أعمالهم ، وكتاب الله بمعنى أنه هو الذي أمر الملائكة بكتبه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.