النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٖ جَاثِيَةٗۚ كُلُّ أُمَّةٖ تُدۡعَىٰٓ إِلَىٰ كِتَٰبِهَا ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (28)

قوله عز وجل : { وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } الأمة أهل كل ملة . وفي الجاثية خمسة تأويلات :

أحدها : مستوفزة ، قاله مجاهد . وقال سفيان : المستوفز الذي لا يصيب منه الأرض إلا ركبتاه وأطراف أنامله .

الثاني : مجتمعة ، قاله ابن عباس .

الثالث : متميزة ، قاله عكرمة .

الرابع : خاضعة بلغة قريش ، قاله مؤرج .

الخامس : باركة على الركب ، قاله الحسن .

وفي الجثاة قولان :

أحدهما : أنه للكفار خاصة ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : أنه عام للمؤمن والكافر انتظاراً للحساب .

وقد روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن عبد الله بن باباه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كأني أراكم بالكوم{[2599]} جاثين دون جهنم .

{ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : إلى حسابها ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : إلى كتابها الذي كان يستنسخ لها فيه ما عملت من خير وشر ، قاله الكلبي{[2600]} .

الثالث : إلى كتابها الذي أنزل على رسولها ، حكاه الجاحظ{[2601]} .


[2599]:الكوم المواضع المشرفة.
[2600]:وهذا قول مقاتل ومعنى قول مجاهد.
[2601]:وقبل "كتابها" ما كتبت الملائكة عليها، وقيل الكتاب هاهنا اللوح المحفوظ.