قوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله } . أي لم تصرفون عن دين الله .
قوله تعالى : { من آمن تبغونها } . تطلبونها .
قوله تعالى : { عوجاً } . زيغاً وميلاً ، يعني لم تصدون عن سبيل الله باغين لها عوجاً ؟ قال أبو عبيدة : العوج بالكسر ، في الدين والقول والعمل ، والعوج بالفتح ، الجدار ، وكل شخص قائم .
قوله تعالى : { وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون } . أن في التوراة مكتوباً نعت محمد صلى الله عليه وسلم وأن دين الله الذي لا يقبل غيره هو الإسلام .
يوبخ تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى على كفرهم بآيات الله التي أنزلها الله على رسله ، التي جعلها رحمة لعباده يهتدون بها إليه ، ويستدلون بها على جميع المطالب المهمة والعلوم النافعة ، فهؤلاء الكفرة جمعوا بين الكفر بها وصد من آمن بالله عنها وتحريفها وتعويجها عما جعلت له ، وهم شاهدون بذلك عالمون بأن ما فعلوه أعظم الكفر الموجب لأعظم العقوبة { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون } فلهذا توعدهم هنا بقوله : { وما الله بغافل عما تعملون } بل محيط بأعمالكم{[160]} ونياتكم ومكركم السيء ، فمجازيكم عليه أشر الجزاء .
هذا تعنيف من الله تعالى لكَفَرة أهل الكتاب ، على عنادهم للحق ، وكفرهم بآيات الله ، وصَدِّهم عن سبيله مَنْ أراده من أهل الإيمان بجهدهم وطاقتهم{[5412]} مع علمهم بأن ما جاء به الرسول حق من الله ، بما عندهم من العلم عن الأنبياء الأقدمين ، والسادة المرسلين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وما بَشَّروا به ونوَّهُوا ، من ذِكْر النبي [ صلى الله عليه وسلم ]{[5413]} الأميّ الهاشمي العربي المكّيّ ، سيد ولد آدم ، وخاتم الأنبياء ، ورسول رب الأرض والسماء . وقد توعدهم [ الله ]{[5414]} تعالى على ذلك بأنه شهيد على صَنِيعهم ذلك بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء ، ومقاتلتهم{[5415]} الرسول المُبشر بالتكذيب والجحود والعناد ، وأخبر تعالى أنه ليس بغافل عما يعملون ، أي : وسيجزيهم على ذلك يوم لا ينفعهم مال ولا بنون .
و«صد » معناه : أعرض عن الشيء وانصرف عنه ، وهو فعل يقف ويتعدى بلفظ واحد ، تقول : صددت عن كذا ، وصددت غيري عنه ، فالذي في هذه الآية هو الفعل المتعدي ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : «تُصِدون » بضم التاء وكسر الصاد ، وهذا هو الفعل الواقف ، نقل بالهمزة فعدي ، و { سبيل الله } في هذه الآية ، هو الإسلام الذي هو طريق إلى رضى الله وجنته ، و { من } مفعولة ب { تصدون } والضمير في { تبغونها } عائد على السبيل ، ومعنى «تبغون » على ما فسر الزجّاج والطبري وغيرهما : تطلبون فالمعنى تطلبون لها العوج ، أي الاعوجاج والانفساد ، تقول العرب : أبغني كذا بألف موصولة ، بمعنى اطلبه لي ، فإذا أرادوا أعني على طلبه واطلبه معي ، قطعوا الألف مفتوحة وقيل : إن تبغون هنا ، من البغي الذي هو التعدي ، أي تبغون عليها ، ويكون ، { عوجاً } على هذا التأويل نصبه على الحال من الضمير في «تبغون » أي «عوجاً » منكم وعدم استقامة ، والعوج بكسر العين : ما كان في الأمور والحجج غير الأجرام ، والعَوج بفتح العين ، ما كان في الأجرام ، كالجدار والعصا ونحو ذلك ، قال ابن قتيبة : والأرض خاصة من الأجرام يقال فيها : عِوج بكسر العين ، ومنه قول الله تعالى : { لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً }{[10]} قال بعض اللغويين هما لغتان بمعنى واحد ، وقوله تعالى : { وأنتم شهداء } ، يريد جمع شاهد ، على ما في التوراة من صفة محمد وصدقه ، وباقي الآية وعيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.