وثمة استنكار بالغ آخر فيه من التعنيف ما يندد بيهود لصدهم عن سبيل الله . والصد يعني المنع ، صد عنه صدودا ، أعرض ، وصد فلانا عن كذا صدا أي منعه وصرفه عنه{[549]} والمراد بصدهم عن سبيل الله أنهم كانوا يفتنون المؤمنين ويحتالون لصدهم عن الإسلام بمختلف الأساليب والحيل كإلقاء الشبهات والشكوك في قلوب الضعفة منهم . وقيل : أتت يهود الأوس والخزرج فذكروهم بما كان بينهم في الجاهلية من العداوات والحروب ؛ ليثيروا في نفوسهم البغضاء والمشاحنة فيعاودوا القتال بينهم ، وسبيل الله يعني دينه الحق وهو الإسلام .
قوله : ( تبغونها عوجا ) أي تطلبون لها اعوجاجا وميلا عن القصد والاستقامة و ( عوجا ) منصوب في موضع الحال ، وكذلك الجملة القرآنية ( تبغونها عوجا ) في محل نصب على الحال ، والهاء في ( تبغونها ) عائدة على السبيل ، وتأويل الآية أنكم تطلبون لسبيل الله ، الذي هو الإسلام ، الزيغ والميل والاعوجاج . ذلك أنكم تلبسون على الناس وتوهموا لهم أن فيه عوجا عن الحق والاستقامة وأنكم وحدكم على الطريق المستقيم ، مع أنكم تشهدون ما تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة أن الإسلام وهو دين الله وأنه الحق المستقيم ، وأنه لا يجحده أو يستنكف عنه إلا ضال أثيم{[550]} .
قوله : ( وما الله بغافل عما تعملون ) ذلك وعيد مرعب يتهدد به الله هؤلاء المفسدين الزائغين عن صراطه ، إنه تهديد يثير في النفس الذعر والرهب ، فما يكاد المرء يتملى إيقاع هذه العبارة حتى يجد نفسه ومشاعره مستجاشة ومذعورة ، لكم هو تهديد الله لهؤلاء الضالين المضلين الذين يصدون عن دين الله ويفترون على الإسلام ونبيه الكذب والأباطيل ليثنوا المسلمين عن دينهم الحق وذلك بمختلف الحيل والمخططات في التضليل والتوهيم واصطناع الشبهات والشكوك والفتن .
أجل ! يتوعد الله هؤلاء الأشرار لما قارفوه من الاعوجاج والزيغ والتحريف ، بالعقاب الأليم والنكال البئيس ، فهو سبحانه عالم بأفعالهم ، مطلع على أستارهم وما يكنون ولا تأخذه في ذلك غفلة ولا نسيان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.