فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَأَنتُمۡ شُهَدَآءُۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (99)

والاستفهام في قوله : { لِمَ تَصُدُّونَ } يفيد ما أفاده الاستفهام الأول . وقرأ الحسن : { تَصُدُّونَ } من أصد ، وهما لغتان : مثل صد اللحم ، وأصد : إذا تغير ، وأنتن ، وسبيل الله دينه الذي ارتضاه لعباده ، وهو دين الإسلام ، والعوج : الميل ، والزيغ ، يقال : عوج بالكسر إذا كان في الدين ، والقول ، والعمل ، وبالفتح في الأجسام كالجدار ، ونحوه ، روي ذلك عن أبي عبيدة ، وغيره ، ومحل قوله : { تبغونها عوجاً } النصب على الحال . والمعنى : تطلبون لها اعوجاجاً ، وميلاً عن القصد ، والاستقامة بإبهامكم على الناس بأنها كذلك تثقيفاً لتحريفكم ، وتقويماً لدعاويكم الباطلة . وقوله : { وَأَنْتُمْ شُهَدَاء } جملة حالية ، أي : كيف تطلبون ذلك بملة الإسلام ، والحال أنكم تشهدون أنها دين الله الذي لا يقبل غيره ، كما عرفتم ذلك من كتبكم المنزلة على أنبيائكم ، قيل : إن في التوراة أن دين الله الذي لا يقبل غيره الإسلام ، وأن فيه نعت محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وقيل : المراد : { وَأَنْتُمْ شُهَدَاء } أي : عقلاء ، وقيل : المعنى وأنتم شهداء بين أهل دينكم مقبولون عندهم ، فكيف تأتون بالباطل الذي يخالف ما أنتم عليه بين أهل دينكم ؟ ثم توعدهم سبحانه بقوله : { وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ } .

/خ103