تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَأَنتُمۡ شُهَدَآءُۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (99)

الآية 99 وقوله تعالى : { لم تصدون عن سبيل الله من آمن } من الأتباع الذين كان إيمانهم إيمان تقليد لا إيمانا{[4149]} بالعقل ، لأن [ من ]{[4150]} كان إيمانه إيمانا{[4151]} بالعقل فهو لا يصد ، ولا يعرف عنه أبدا ، كما عرف حسن الإيمان وحقيقته بالعقل ، فهو لا يتركه{[4152]} أبدا ، وأما من كان إيمانه إيمان تقليد ، ولم{[4153]} يكن إيمانه إيمان حقيقة ، فمثله يصد عنه ، إلا أن من يمن الله عليه ، فيشرح صدره حتى يكون على نور منه ، وذلك أحد وجوه اللطف ، والمقلد غير معذور لما معه ما لو استعمله لأوضح له الطريق ، وأراه قبح ما آثره من التقليد ، والله الموفق . ويحتمل قوله : { لم تصدون عن سبيل الله من آمن } [ أي لم تقصدون ]{[4154]} صدهم عن سبيل الله ، وهم لا يرجعون إلى دينكم إياسا{[4155]} منه إياهم عن أن يرجعوا عن دينهم الذي [ هم ]{[4156]} عليه كقوله : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } [ المائدة : 3 ] فيه إياس الكفرة عن رجوع المسلمين إلى دينهم . وقيل : كانوا يصرفون المؤمنين عن الحج .

وقوله تعالى : { تبغونها عوجا } والعوج هو [ الميل ]{[4157]} عن طريق الحق ، وهو الزيغ ، والتعوج عن الحق .

وقوله تعالى : { وأنتم شهداء } [ وقوله ]{[4158]} { وأنتم تشهدون } [ البقرة : 84 وآل عمران : 71 ] واحد . وحرف حفصة رضي الله عنه وأنتم شهداء على الناس .

وقوله تعالى : { وما الله بغافل عما تعملون } هو حرف وعيد وتنبيه ، لأن من علم [ أن عليه رقيبا وحافظا ]{[4159]} فيكون أحذر وأخوف ممن{[4160]} لم يكن عليه ذلك .

قال الشيخ ، رحمه الله : وفيه أنه لا غفلة [ عن الذي ]{[4161]} يكون منكم ، ولكن على علم لتعلموا أنه لا للحاجة خلقكم بل إظهار الغني والسلطان له ، جل جلاله ، وعم نواله .


[4149]:في الأصل وم: إيمان.
[4150]:من م، ساقطة من الأصل.
[4151]:في الأصل وم: إيمانا.
[4152]:في الأصل وم: يترك.
[4153]:من م، في الأصل: فلم.
[4154]:في الأصل: {لم تصدون} قصد، في م: أي: {لم تصدون} قصد.
[4155]:في الأصل وم: إياس.
[4156]:ساقطة من الأصل وم.
[4157]:ساقطة من الأصل وم.
[4158]:ساقطة من الأصل وم.
[4159]:في الأصل: رقيب وحافظ، في م: أن عليه رقيب وحافظ.
[4160]:في الأصل وم: من.
[4161]:في الأصل وم: من.