ثم استأنف{[18390]} إيذاناً بالاستقلال{[18391]} تقريعاً{[18392]} آخر لزيادتهم على الكفر التكفير فقال : { قل يا آهل الكتاب } أي المدعين{[18393]} للعلم واتباع الوحي ، كرر هذا الوصف لأنه مع أنه أبعد في التقريع{[18394]} أقرب إلى التلطف في صرفهم عن ضلالهم { لم تصدون } أي بعد كفركم { عن سبيل الله } أي الملك الذي له القهر والعز والعظمة والاختصاص بجميع صفات الكمال ، وسبيله دينه الذي جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وقدمه اهتماماً به{[18395]} . ثم ذكر المفعول فقال : { من أمن } حال كونكم { تبغونها } أي السبيل { عوجاً } أي بليكم{[18396]} ألسنتكم وافترائكم على الله ، ولم يفعل سبحانه وتعالى إذ أعرض عنهم في هذه الآية ما فعل من قبل{[18397]} إذ أقبل عليهم بلذيذ خطابه تعالى جده وتعاظم مجده{[18398]} إذ قال{[18399]} :{ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم }[ آل عمران : 65 ] { يا أهل الكتاب لم تكفرون }[ آل عمران : 70 ] و{[18400]}الآية التي بعدها بغير واسطة . وقال أبو البقاء في إعرابه : إن تبغون يجوز{[18401]} أن يكون مستأنفاً وأن يكون حالاً من الضمير في تصدون أو من السبيل ، لأن فيها ضميرين راجعين إليها ، فلذلك يصح{[18402]} أن يجعل حالاً من كل واحد منهما ، وعوجاً حال - انتهى . وقال صاحب القاموس في بنات{[18403]} الواو : بغا الشيء بغواً : نظر إليه كيف هو ، وقال في بنات{[18404]} الياء : {[18405]}بغيته أبغيه{[18406]} : طلبته ، فالظاهر أن جعل عوجاً حالاً - كما قال أبو البقاء - أصوب{[18407]} من جعله مفعولاً - كما قال في الكشاف . ويكون تبغون{[18408]} إما يائياً{[18409]} فيكون معناه : تريدونها معوجة أو ذات عوج ، فإن طلب بمعنى : أراد ؛ وإما أن يكون واوياً بمعنى : ترونها ذات عوج ، أي تجعلونها{[18410]} في نظركم يعني : تتكلفون{[18411]} وصفها{[18412]} بالعوج مع علمكم باستقامتها ، لكن قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح " ابغني أحجاراً أستنفض{[18413]} بهن " يؤيد قول صاحب الكشاف .
ولما ذكر صدهم وإرادتهم العوج الذي لا يرضاه ذو عقل قال موبخاً : { وأنتم شهداء } أي باستقامتها بشهادتكم{[18414]} باستقامة{[18415]} دين إبراهيم مع قيام أدلة السمع والعقل أنها دينه وأن النبي والمؤمنين أولى الناس به لانقيادهم للأدلة . ولما كان الشهيد قد يغفل ، وكانوا يخفون مكرهم في صدهم ، هددهم{[18416]} بإحاطة علمه فقال : { وما الله } أي الذي تقدم أنه شهيد عليكم وله صفات الكمال كلها { بغافل } أي أصلاً{[18417]} { عما تعملون * }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.