قوله تعالى : { ولئن أذقناه رحمةً منا } آتيناه خيراً وعافية وغنى ، { من بعد ضراء مسته } من بعد شدة وبلاء أصابته ، { ليقولن هذا لي } أي : بعملي وأنا محبوب بهذا . { وما أظن الساعة قائمةً ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } يقول هذا الكافر : لست على يقين من البعث ، فإن كان الأمر على ذلك ، ورددت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ، أي : الجنة ، أي : كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة . { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا } قال ابن عباس رضي الله عنهما : لنقفنهم على مساوئ أعمالهم . { ولنذيقنهم من عذاب غليظ }
ثم قال تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ } أي : الإنسان الذي يسأم من دعاء الخير ، وإن مسه الشر فيئوس قنوط { رَحْمَةً مِنَّا } أي : بعد ذلك الشر الذي أصابه ، بأن عافاه الله من مرضه ، أو أغناه من فقره ، فإنه لا يشكر الله تعالى ، بل يبغى ، ويطغى ، ويقول : { هَذَا لِي } أي : أتاني لأني له أهل ، وأنا مستحق له { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً } وهذا إنكار منه للبعث ، وكفر للنعمة والرحمة ، التي أذاقها الله له . { وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى } أي : على تقدير إتيان الساعة ، وأني سأرجع إلى ربي ، إن لي عنده ، للحسنى ، فكما حصلت لي النعمة في الدنيا ، فإنها ستحصل ]لي[ في الآخرة وهذا من أعظم الجراءة والقول على الله بلا علم ، فلهذا توعده بقوله : { فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي : شديد جدًا .
{ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي } أي : إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان في شدة ليقولن : هذا لي ، إني كنت أستحقه عند ربي ، { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً } أي : يكفر بقيام الساعة ، أي : لأجل أنه خُوِّل نعمة يفخر ، ويبطر ، ويكفر ، كما قال تعالى : { كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى } [ العلق : 6 ، 7 ] .
{ وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى } أي : ولئن كان ثَمّ معاد فليُحسنَنّ إلي ربي ، كما أحسن إلي في هذه الدار ، يتمنى على الله ، عز وجل ، مع إساءته العمل وعدم اليقين . قال تعالى : { فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال .
{ ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته } بتفريجها عنه . { ليقولن هذا لي } حقي أستحقه لمالي من الفضل والعمل ، أولي دائما لا يزول . { وما أظن الساعة قائمة } تقوم . { ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } أي ولئن قامت على التوهم كان لي عند الله الحالة الحسنى من الكرامة ، وذلك لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا فلاستحقاق لا ينفك عنه . { فلننبئن الذين كفروا } فلنخبرنهم . { بما عملوا } بحقيقة أعمالهم ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها . { ولنذيقنهم من عذاب غليظ } لا يمكنهم التقصي عنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.