تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

المفردات :

الحسنى : الجنة .

عذاب غليظ : بالغ الغاية في الشدة والإحاطة بهم من كل جانب ، فهو كالوثاق الغليظ الذي لا يمكن للإنسان أن يخرج منه .

التفسير :

50- { ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ } .

إذا جاءت للإنسان النعمة والمال والجاه ، وغير ذلك من آثار رحمة الله ، بأن فرج الله عنه الضر أو الفقر أو المرض ، وكساه ثوب الغنى أو العافية ؛ لم يشكر صاحب الرحمة والفضل ، بل نسب النعمة إلى نفسه ، أي أنه خبير بأسباب النعمة ، جدير بأن تأتي إليه ، كما قال قارون : { إنما أوتيته على علم عندي . . . } ( القصص : 78 ) .

فهذا الإنسان الكافر الجاحد يرى أن النعمة من كده ، ومن عمل يمينه ، ثم ينكر البعث والحشر والجزاء والعقاب في الآخرة ، فيقول :

{ وما أظن الساعة قائمة . . . }

لا أعتقد بمجيء القيامة ، وإنما هي أرحام تدفع وقبور تبلع ، وما يهلكنا إلا الدهر ، وليس هناك حساب ولا جزاء ، ولا حياة سوى الحياة الدنيا ، ولو سلمنا جدلا أن القيامة ستقوم -كما يذكر أتباع محمد- فسأكون في الآخرة أحسن حظا ، وأفضل حالا لاستحقاقي للخير في الدنيا وفي الآخرة ، فإذا بعثت في الآخرة فسيكون مآلي الجنة ونعيمها .

{ فلننبئن الذين كفروا بما عملوا . . . }

فوالله لنخبرنهم بحقيقة أعمالهم ، ولنخبرنهم بجحودهم وكنودهم وكفرهم ، واستحقاقهم للعذاب والعقاب .

{ ولنذيقنهم من عذاب غليظ } .

ولنحرقنهم بنار جهنم في عذاب غليظ لا يمكنهم تركه ولا الفكاك منه ، لإحاطته بهم من كل جانب ، فهو كالوثاق الغليظ الذي لا يمكن للإنسان أن يخرج منه .